طفولة الأمس ..من كتاب مرايا الطفولة(صندوق الأحلام)
اكثر ما يثير انتباهي هو الفرق بين طفولتنا وطفولة ابناء اليوم ..
أطفال الامس كانو اكثر سعادة ورضى ،كانت ابسط الامور تفرحهم وتجعلهم يقفزون بهجة. حتى ذكاؤهم كان مختلفا فكانوا يخترعون العابهم مما توفر بين ايديهم من الطبيعة فكانت فتيات القرية يلعبن ببيت بيوت وصبيانها يلعبون بالكرة أو يجمعون الحجارة ويتنافسون بمن يستطيع ان يرميها كلها...
اطفال الامس كانوا يهابون أو ربما يخافون فكانت المدرسة وقوانينها خطوط حمراء وكلنا نذكر أمهاتنا اللواتي رفضن مرارا وتكرار ان ينصاعوا لرغبتنا في فلت شعرنا وكانت جملتهم المعتادة:انتم ذاهبون الى المدرسة وليس للعرس.
أذكر جيدا اننا كنا نخجل ونحترم اساتذتنا ليس خوفا وان كان موجود ذلك الشعور تجاه بعض الممارسات التربوية الخاطئة ولكننا بالغالب كنا نحترم وكنا نخجل من سماع الملاحظات وكنا نتعلم بشغف .
واكثر ما ميز طفولة الامس القناعة،لباس العيد الذي كان يشكل مركز السعادة السنوي ورفيق السرير ليلة العيد .
اليوم الطفولة اختفت وتبعثر الكثير من قيمها وسلوكيتها فبالرغم من ثقافة ابناء اليوم الملفتة بعمرهم الصغير وهذا الكم من المعلومات التي قدمتها لهم وسائل التكنولوجيا الا انهم فقدوا معها كل حب اكتشاف وفقدوا روح المرح واللعب فترى الشاشات سلبت منهم بعضا او اغلب براءتهم واخذت منهم طفولتهم .
طفل اليوم غالبا تحول لمستهلك بليد لا يعرف قيمة التعب ولا القناعة ولا يدرك حتى الكثير من القيم السلوكية التي تبخرت فتراه في حواره يفوق عمره وفي مشاعره يتعدى حدود طفولته .هو فعلا قوي الشخصية ولكنه يفتقر للعب والمرح والركض والصراخ ومتعة الاجتماعات الطفولية فاذا اجتمعوا في رحلة رأيتهم يحملون لوحاتهم الالكترونية *يتشاركون اللعب في عالمهم *الوهمي.
وحتى في ايام الاعياد لم يعد للثوب الجديد رهجة ولا الخروج للشارع مع الرفاق متعة .
اختلفت الطفولة بكل قيمها ومقاييسها وتبدلت وزاد التطور وزاد ما يعرف اليوم بمجتمعنا الدلع الذي ارتبط بمفهوم البذخ على الطفل واغراقه بعالم الاستهلاك حتى فقد كل لذة .
نحن بحاجة لاعادة الطفولة لابنائنا فهي حقهم الذي سلبناه منهم بانصياعنا لقوانين اجتماعية غوغائية وعالم الايتيكت والتصنع الفارغ بتربيتهم ..
علينا ولو قليلا العودة لفطرة الطفولة .