قل كلمتك وأرحل
الحقيقة كان والدي رحمه الله ، يقول: لا تتدخل فيما لا يعنيك حتى وإن كان لا يُرضيك ..
فالنصيحة والتدخل في الامور التى تفوق حجم الانسان ، عليه أن يترفع عن الخوض فيها مهما كانت أهميتها بالنسبة له ..
ونصحني أيضاً غفر الله له ، أن أكون أكثر نضجاً ودراية بعواقب بعض التدخلات ، وفرض الرأي والإدلاء بها ، فقد لا تجد أذاناً صاغية ، او أنها قد تدخلك في مشاكل أنت في غنى عنها ، وقد يكون الرآي من زاوية منفردة ، وتفتقر ربما للحكمة والجهل بعمق الأمور التى قد تخفى كثيراً على البعض ولا يعلم بخوافي الامور ..!!
لذا.. فالكلمة يجب ان تطوع من نصح وتدخل غير مبرر الى دعاء وإحتساب
وكرر كذلك رحمه الله في كلماته ، دع الخلق للخالق فلم يفرض علينا الله إصلاح الكون لنصلح خلقه .. بل جعلنا نجتهد ونحاول أن نكن قدوة لغيرنا ليقتد غيرنا بِنَا ..
نقتدي بمن هو أحسن منا لنكن قدوة حسنة صالحة لمن هم دوناً منا ونسعى في تعمير الدنيا بالخير ونبني لأنفسنا مع الله أولاً وأخراً ومن ثم المجتمع ، وليكن ذلك بهدوء ورزانة ، لا نحدث بضجة في تحركاتنا ، ولا نعامل السوء بالمثل ، بل يجب علينا أن نحسن للمسيء قبل ان نحسن للمحسن .
وقد كان رحمه الله يردد الاية : حيث قال سبحانه وتعالى فيها :
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
هذه هي الحياة وتعاليم الله وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقحم نفسه فيما لا يعنيه ويتحمل الأذى من ألأخرين ولا يشتكي لأحد وقد أصلح الله له ألأمة وأتبعوه بالحسنى حتى عمت رسالته ووصلت الى أقاصي الدنيا.
كل ذلك بالحسنى وقول الكلمة التي تنهض بالامة والإبتعاد عن مكامن الفتن التى تجلب الفرقة والضغينة بين الناس ..
عزيزي القاريء:
لماذا لا تكون كلماتنا منتقاة بعناية فيما يُصلح امتنا ونجعلها نبراسا نتوارثها لبناء أمة متماسكة كلا فيما يخصه ونتغافل ونغفل عن بعض هفوات بعضنا البعض ونجعل حياتنا مليئة بالتفاؤل ونجعل نصب أعيننا أن لكل منا هفواته وأخطاؤه
ونحسن به الظن حيث أمكن ذلك حرصاً على سلامة القلوب من البغضاء، ورغبة في جمع الكلمة والتعاون على الخير...
والله مُطلع ببواطن الأمور وقد يكون ما نُشاهده خطأً وهو في الأصل هو الصواب..؟؟
يجب أن لانرى مانراه من خلال زاويتنا الخاصة ولنبرر لغيرنا فقد أوصى الله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن التمس لأخيك سبعين عذرًا...
إن ما يحدث في زمننا هذا للاسف أصبح الكثير مفتياً وحكيما وناصحاً ونسى نفسه أن لا وزن له في الدنيا بين الامم بتنوع أفكارها وتوجهاتها ونسى أن بالامكان أن يبني دونما أن ينطق ويوجه إتهاماته للأخرين بمجرد أنه إستنكر فعلا لا يعرف بواطنه ومسبباته ويصنع من ذلك مشكلة ووباء ينتشر في العامة وقد يتسبب في فتنة او بلبلة في وسطه ومجتمعه ..
أن التغاضي والابتعاد عن التدخل في شئون الآخرين هي نعمة يرزق الله بها كل رجل وإمراءة رضي الله عنهم في الدنيا ليكونوا بلسم الحياة ونسمتها في صناعة الحياة الهانئة في ارض لمن حولها وإطفاء الفتن بسبب القيل والقال
وكثر الجدال العقيم الذي يجعل حياتنا ضوضاء مزعجه بفوارغ الكلام ..
نحن بحاجة لبناء أمتنا وأبنائنا في صمت وندفعهم لبناء أنفسهم وحب وطنهم ومجتمعهم بصمت بعيداً عن شعارات الحقد والضغينة المزيفة والترفع عن معارف السوء ألأغبياء ..
ولتكن كلماتنا هي الدعاء لأنفسنا ولأمتنا وطناً ومجتمعا وأسرة
فلاحاجة للأخرين لأرائنا مهما عظُمت فكلاً له فكره وتوجهه في سياسته الذاتية والتى لا يحب أن يطلع عليها أحد ..
وهنا كان ولا بد لزاما أن يعرف المرء قدر نفسه ليرحمه الله ويرحمنا من رأيه إن تعارض مع أرائنا .. إلا بالحسنى او إذا طُلب منه ..
ولنكن أيضاً كما ينبغي ونقول كلمتنا اللهم ارفع عنا البلاء والمحن والفتن ماظهر منها وما بطن وعن أمتنا ووطننا ومجتمعنا .. ولنتيقن أننا سنرحل والله مطلع وهو على كل شيء قدير ..
مازالت عبارة الفيلسوف الرومانى المنسى لوشيوس أنايوس سينكا " قل كلمتك.. وامش"
تلخص الموقف الأكثر ملائمة وجدوى فى ظروف لا تحتمل المشاركة فى الشأن العام والتدخل في الخصوصيات ، والتى لا تشكل إسهاماً فعلياً فى قضاياهم.
ختاماً:
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، الحَيُّ القَيُّومُ، وَأتُوبُ إلَيهِ.