دماء
تناديها ـ تعالي ـ
هي بين اليقظة والنوم! منذ سنين عديدة عاهدت نفسها أن تكون متيقظة لأي نداء، وجاهزة للقفز !
ـ تعالي ـ صوتها المتهدج البعيد بنتي ـ تعالي ـ
ـ هي تستمع وتجيب أين أنتِ؟ لكنه الصراع بين الحلم والحقيقة، وهي شبه متيقظة وهي شبه نائمة!
تعالي ـ أنا طحت!
قفزة تشبه تلك القفزة ؟ لكن هذه المرة كانت من أعلى، وكان اللقاء ليس مع خبر بل كان مع الدماء!
دم منتشرٌ في كل الأرجاء...
دماء حمراء تغطي الوجه، وتسيل على الجسد، وعلى الملابس، وتبقع البلاطات البيضاء ؟
دم أطهر النساء، وأنقى قلوب الأصفياء، دماء سيدة قلبها وسيدة النساء!
الساعة الرابعة فجرًا ، أهذه دماء أم رسالة جسد وعناء!
هدوء الليل القاتم ممزوج بلون الدم الأحمر القاني، والغادة ترتشف الحزن كمدًا لا تصرخ ولا تجاوب، وأنين عجوز ضعيفة كانت بالأمس صوتٌ يحارب، لواصق، وماء ،وتمتمة بالقرآن، ودعاء ، ولباسٌ يغوص في الماء يخفي تلك الدماء، وماء وأطهر الطهور الماء وترتخي وتنام ، وتبقى آثار الدماء متخثرة تحكي لشاعر المساء
لست دمًا أنا خذلان وفقد وأحزان !
أنا إنسان!
يبكيني الوطن، يشقيني الندم، يقتلني الخوف، يلجمني الصمت، تبعثرت مني أحرف القصائد ، وتناثرت مني عقود اللآلئ ، ورحل عني وهج الحياة، وانطفأت في داخلي أسرجة الضياء، هيا يا دمي املأ جراب وحدتي!
حدثهم عن قصتي!
أردت الرحيل لكنني عدت فهل فهمتم قضيتي!
تراحموا... تراحموا... تراحموا...
الحياة نحن فيها عابرون، مفقودون وفاقدون، فعلام ماذا تحقدون؟ تتكبرون، تتسلطون، تكذبون، تغارون، تحسدون، تتقاتلون؟
أيتها الجميلة نامي كما قال لك نزار قباني...من سنين عديدة
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسأظل أكتب عنك أيتها الجميلة، وأحبك وأحبك وأحبك فأنت جميلة !
د. حياة الهندي
خبيرة العلاقات الأسرية والاجتماعية