زايد العلم والعطاء
كان المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه) أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتحولت الدولة خلال فترة حكمه التي امتدت 40 عاماً من مجرد اتحاد يتكون من سبع إمارات، إلى أمة قوية، يتمتّع فيها الفرد بأحد أعلى متوسط دخل الأفراد في العالم العربي، وأصبحت دولة الإمارات في مصاف الدول التي تمتلك أفضل بنية تحتية ونظام اجتماعي معاصر، ولقد كانت وفاة الشيخ زايد يوم 2 نوفمبر 2004 نهاية أحد أهم العهود التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
حظي صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) بصفته رئيساً لدولة الإمارات بثقة المجتمع الدولي واحترامه، واستطاع أن يجعل من دولة الإمارات أحد أهم اللاعبين العالميين بين الدول الصناعية الحديثة، كما حافظ بصفته حاكماً للإمارات على الدور التقليدي الذي يقوم به الأب تجاه أهله وشعبه؛ حيث كان باستطاعة أي مواطن في الدولة الوصول إليه، ليس فقط لمناقشة القضايا المتعلقة بسياسات الدولة، ولكن أيضا لمناقشة أي مسائل شخصية تُطرح عليه، وبذلك استطاع أن يُجسّد صورة رجل الدولة العصري، الذي يتميّز في الوقت ذاته بصفات قائد القبيلة وقيمه، وعمل صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) على توفير التعليم لجميع مواطني الدولة إحدى أهم مبادرات الشيخ زايد لتطوير دولة الإمارات، وفي إطار هذه المبادرة تم بناء المدارس والمراكز التعليمية في جميع أنحاء الدولة، كما تم استقدام المدرسين من الدول العربية الأخرى لتعليم الأجيال الشابة، وفي غضون سنوات قليلة، تمكنت دولة الإمارات من تلبية جميع متطلبات التعليم التي تحتاجها أي دولة حديثة ومعاصرة
فقد كانت ولازالت أقوال صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه-في الحث على التعليم على أنه الثروة الحقيقية لخدمة الشعب حيث أنه أدرك في أول سنوات بناء دولة الإمارات أن التعليم والثقافة هما أساس تقدم الدولة ورفعتها فأمر بإعداد كل ما يصب بمصلحة التعليم من إنشاء مدارس ومعاهد وجامعات مميزة، وبلغت جهود صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه- في هذا المجال أوجها عندما نجح في تأسيس كثير من المؤسسات التعليمية المعتمدة، مثل جامعة الإمارات وكليات التقنية العليا وجامعة زايد، كما احتضنت الدولة كثيرًا من الجامعات والكليات الخاصة، مثل جامعة أبوظبي وجامعة عجمان للعلوم والتقنية والجامعة الأمريكية في الشارقة والجامعة الأمريكية في دبي، وأصبحت دولة الإمارات بفضل هذه الجهود أحد أهم مراكز التعليم المعتمدة، التي نجحت في جذب الطلاب من الدول الصديقة المجاورة ومن أهم أقوال صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه-عن التعليم (( إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي، إنني أريد أن يتعلم كل أبناء الخليج أريد أن يبني ابن الخليج بلاده بنفسه وبعلمه إننا نرسل بعثاتنا من الطلبة إلى كل مكان من الأرض ليتعلموا وعندما يعود هؤلاء إلى بلادهم سأكون قد حققت أكبر أمل يراود نفسي لرفعة الخليج وأرض الخليج)) ((فلن تكون هناك ثروة بشرية حقيقية ومؤهلة وقادرة على بناء الوطن، إن لم تتمسك بمبادئ ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء لأن القرآن الكريم هو أساس الإيمان وجوهر الحياة والتقدم عبر الأجيال، وتعتبر جامعة الإمارات العربية المتحدة أول منارة للفكر الإنساني والنشاط العلمي في وطننا))
وانتهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، منهج والده صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه-كإنسان وحاكم قدم عدة إنجازات ساهمت في تمكين المواطن الإماراتي، وازدهار دولة الإمارات وتألقها محلياً وعالمياً، حين قال (( العملية التعليمية، وبقدر ما حققت من مستويات التأهيل العلمي المختلفة، نراها اليوم في تحدٍ مستمر ومتصاعد يتطلب العمل الدؤوب في تطوير المناهج ووضع الخطط الرامية إلى تحقيق المستوى المطلوب في مواكبة تسارع التطور التقني واستيعاب مستجدات التكنولوجيا الحديثة))
فالأسلوب الأمثل لبناء المجتمع يبدأ ببناء المواطن المتعلم لأن العلم يؤدي إلى تحقيق المستوى المطلوب وواجب كل مواطن هو العمل على تنمية قدراته ورفع مستواه العلمي ليشارك في بناء مسيرة الاتحاد من أجل حياة أفضل، فالعلم كالنور يضيء المستقبل وحياة الإنسان لأنه ليس له نهاية ولابد أن نحرص عليه فالجاهل هو الذي يعتقد أنه تعلم واكتمل في علمه أما العاقل فهو الذي لا يشبع من العلم إذ أننا نمضي حياتنا كلها نتعلم، وهكذا فالمسيرة التعليمية والتربوية تقوم على أساس ربط الدين بالدنيا في تربية النشء، وإعداد وتأهيل الشباب، لإن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون وأن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره، وإن نشر التعليم هو واجب قومي والدولة وفرت كل الإمكانيات من أجل بناء جيل الغد وهذا الأمر يضع العلم في أعز مكانة وأرفع قدر، فالعلم هو الطريق الوحيد للنهضة والتقدم ومواجهة تحديات العصر وخدمة التنمية في الدول النامية
وقد حرصت دولة الإمارات على المشاركة قولاً وعملاً في دعم استراتيجية التنمية ونقل التكنولوجيا إلى دول العالم الثالث من خلال تعاليم الدين الإسلامي والقرآن الكريم كقاعدة الانطلاق إلى العلوم الباقية، لإن العلم والثقافة أساس تقدم الأمة وأساس الحضارة وحجر الأساس في بناء الأمم، ولولا التقدم العلمي، لما كانت هناك حضارات ولا صناعة متقدمة أو زراعة تفي بحاجة المواطنين، وإن أفضل استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين، وكانت أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في وحدة أبناء شعب الإمارات واتحاد قلوبهم حين قال ((إذا كانت العربة هي السياسة والحصان هو الاقتصاد، فيجب وضع الحصان أمام العربة، إن الحفاظ على الريادة وإدامة النمو والازدهار يتطلبان الانتقال إلى عصر اقتصاد المعرفة وبأسرع ما يمكن فالحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس، لذلك فإن مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها)) ومن الواجب علينا أن نسابق الزمن وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا في أي مجال آخر، فالكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، وأن الأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها وإنما تقاس بأصالتها الحضارية والكتاب هو أساس هذه الأصالة والعامل الرئيسي على تأكيدها، ولقد أكدّت السنوات الماضية أهمية الاتحاد وضرورته لتوفير الحياة الأفضل للمواطنين، وتأمين الاستقرار في البلاد، وتحقيق آمال شعب دولة الإمارات العربية المتحدة في التقدم والعزة والرخاء،
وقد أوصانا صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه-بالتمسك بالدين والعلم العلاج بالعمل هو أحدث الوسائل للقضاء على الأمراض النفسية والتغلب على المشاكل التي تعترض الإنسان فإذا اعتمد الإنسان على نفسه يسد حاجته وإذا نظر إلى من عمل واجتهد ونفع نفسه وأهله فإنه يصبح قدوة لأبنائه فيحذون حذوه لأن أفضل معلم للأبناء، هذا هو الوالد والمعلم للشعب كله وهو القائد المعلم الأب صاحب السمو الشيخ زايد بن آل نهيان – طيب الله ثراه-وغفر له
مستشارة البحث العلمي بجامعة الحياة الإلكترونية