المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 28 نوفمبر 2024
محمد بالفخر
محمد بالفخر

خٌذ عشر خٌذ خمس تعشر



في عام 2009 تقريبا كنت مع بعض الزملاء في صالة كبار الزوار في مطار صنعاء الدولي في وداع إحدى الشخصيات التي زارت صنعاء حينها لمناسبة معينة واثناء جلوسنا في الصالة وإذا برئيس الوزراء الأسبق عبد القادر باجمّال قادما الى الصالة برفقة السائق متكئا على عكازه فودعه سائقه وجلس وحيدا في احدى مقاعد الصالة منتظرا موعد اقلاع الطائرة الأردنية التي كان سيسافر عليها الى عمّان،

تأملت المشهد واخذت اجول بذاكرتي الى قبل بضع سنوات وكيف كانت تصريحاته تهزّ الارجاء وكيف كانت مواكبه تجوب الشوارع بأعداد كبيرة من السيارات وعدد كبير من المرافقين والعسكر المدججين بالأسلحة وكان من الصعوبة بمكان ان تقترب من الصفوف الأولى في أي فعالية احتفالية يشارك فيها ناهيك ان تصل الى مكتبه وهكذا من سبقوه او من اتى بعده. وأما قصائد المديح من الشعراء ومقالات الكتاب فقد كانت لا تحصى لكثرتها،

وانا اتأمل ذلك المشهد في صالة المطار تذكرت بعض ابيات الشاعر الحضرمي حسين المحضار الشهيرة:

عزّات يا راس عالي با يخفضونك
والنور لي هو يلألئ من فوقك اليوم غاب

يا حصن مولى البناقل محلى ركونك
خيفان بعد الزوامل ينعق عليك الغراب

لي خرّبوا دار بصعر با يخربونك
خذ عشر خذ خمس تعشر لابد لك من خراب

وما ذكرني بتلك القصة هو تكرارا لما نراه اليوم في بعض المسؤولين والقيادات من استعلاء وعدم مبالاة بالآخرين حتى أن هذه السلوكيات انتقلت الى من هم دونهم والى من احاطوا بهم والتفوا حولهم فتجد الشخص قد جعل من نفسه دولة لا يكاد يرد عليك ان احتجت اليه في امر ما فكيف بمن هو اعلى منه وينسى ما كان بينك وبينه من عمار وعلاقة ود وصحبة سنوات قبل ان تصعد به الاقدار الى ان يكون مقربا من مسئول او ممسكا لمنصب ما فاذا لسان حاله يقول إنما أوتيته على علم عندي بينما الحقيقة أنه سيأتي اليوم الذي تفقد فيه هذه الميزة ومعها ستفقد الكثير ممن كانوا لك محبين وأصدقاء قبل أن تبتلى بمنصبك الذي لم تحسن فيه.

الحرب والأوضاع التي تعيشها بلادنا والتي طالت نارها الكثير بشكل أو بآخر كشفت لنا معادن الرجال وعرّت وجوها كنا نحسبها وجوه اخوة وأصدقاء لنا اسعدنا نجاحهم وظننا أن ما آل اليه حالهم سيجعل منهم مفاتيحا للخير لكثير من الناس لكن ما حدث هو العكس تنكر الكثير منهم لعلاقاته السابقة وأصبح رده عليك يقول لك بعبارة مبطنة لا مقام لكم في صفوف علاقاتنا (فبعّدوا من طريقنا جنة الحب حقنا)

هذا إن تكرم بالرد عليك أصلا.

لست هنا حاسدا أو ناقما فقط أنبه أن ما انت فيه اليوم لم تكن به بالأمس ولن تكون فيه غدا فدع عنك الغرور لنعمة طارئة ستفقدك من رافقوك بصدق وجمعتكم أيام البساطة والشحططة في الباصات والهم الوطني الواحد.

للناس حاجات ولهم معاملات ضاقت بهم الأرض وتقطعت بهم السبل ولعلّهم يأملون من إخوان لهم ومن بني جلدتهم أن يكونوا لهم عونا فليس شرطا أن تضع يدك في جيبك لتخرج لهم شيئا من مال وليس من الكمال ان تظن من يتنظر منك معروفا او خدمة تقدمها له من موقعك طامعا بك او مستغلا لمنصبك ومكانتك بل عليك ان تتذكر ضريبة الجاه والمكانة ليديمها الله عليك وتذكر قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

"ان خير الناس انفعهم للناس".
بواسطة : محمد بالفخر
 0  0  47.7K