صداقة أم مصالح ؟!
يشتكى الكثيرون من غياب الصديق الحقيقي في حياتهم وخاصة في الآونة الأخيرة !
فمنهم من نفى وجود الصداقة واعتبرها من المستحيلات ، ومنهم من اعتبر نفسه محظوظاً لوجود أصدقاء حقيقيين في حياته .
وكلنا شاهدنا و سمعنا عن صداقات كانت مضرباً للأمثال من حيث الأخوة والمودة والتعاون والخُلق والاحترام والرعاية والتقدير والصدق والإخلاص وفجأة تحولت إلى قطيعة وكره وحقد !فماسبب هذه الظاهرة إذا صح التعبير عن ذلك ؟
وهل هناك ممن يدعون أنهم أصدقاء ويظهرون حب الخير والمحبة وأعماقهم يملؤها الغيرة والحقد والحسد والكراهية ...
وأين نحن من الصداقة الحقيقية بماتحتويه من محبة وتقدير وأخوة ؟وهل نعيشها وفق المفهوم القرآني في قوله تعالى :( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )
لو رجعنا لكلمة صداقة فنجد أنها من الصدق والالتقاء الفكري وتبادل الخواطر وتقارب الشخصية ، وصدق النية وسمو الهدف ، وهي علاقة تحمل جميع معاني التضحية والأخوة ، لذا نبحث عن الصديق كون الإنسان بطبعه اجتماعيا ويتفاعل مع الآخرين ولا يستطيع أن يعيش بمفرده ولابد له من صديق .
الصداقة الحقيقية لاتقتصر على وقت زمني أو مصلحة مؤقتة وتنتهي بانتهائها ، فهناك من يرتبط بصداقة مصالح مع العديد من الأشخاص ممن يستفيد منهم في قضاء أموره ، بحيث يجامل ويدعي صداقته بالرغم من معرفتهم أن المصلحة هي التي تجمعهم وهذا السائد حالياً حيث أصبحت العلاقات محكومة بالمصالح والفائدة المرجوة منها ... وهناك من يرفض صداقة المصالح واستغلال الأصدقاء ، ولكن ما تلبث علاقاتهم أن تتحول ، وتبنى على المصلحة والمنفعة ، فلايتذكرون أصدقاءهم إلا عند مصلحتهم وخدماتهم وحاجاتهم ، لذلك يقطعون حبال هذه الصداقة بمجرد الأنتهاء من مرادهم .
كلنا بحاجة إلى أصدقاء حقيقيين لاتجمعنا المصالح المؤقتة ، فالصداقة ليست بالأمر الهين أو مجرد علاقة عابرة في حياتنا، لابد أن نستخدم عقولنا لنفكر وليس عواطفنا في اختيار الصديق المخلص الصادق وكأي أمر نوزنها بميزان ديننا وخلقنا ، وهنا الصديق الحقيقي هو من تجده عند المواقف وفي أوقات الشدة أو الفرح .