حوار القرن مع بلومبيرغ
كان الرد المدوي للأمير القوي محمد بن سلمان تجاه هرطقات ترامب الدعائية لحزبه الجمهوري متوقعة وبمثابة تصويب الحقيقة الإعلامية وإعادة ترتيب الخطاب السياسي إلى واقعه المعهود لأن تاريخ المملكة وواقعها المشهود دولياً لا يتحتم على بلد ما ولو كانت القوة العظمى في العالم أن تفرض إملاءاتها وتدخلاتها في شؤون المملكة وسياستها .
لم يعد يخفى على أي أحد من المتابعين و المهتمين للشأن الأميركي حول أنماط وأساليب الدعايات الإنتخابية هناك والتي تصل أحياناً إلى أدنى المستويات الأخلاقية من الكذب والتدجيل على الجماهير مقابل كسب أصواتهم الإنتخابية ، فشراسة المنافسة الإنتخابية وحدتها بين الديمقراطيين والجمهوريين قد تصل إلى مراحل متقدمة من التضليل الخداعي الذي يستهدف شريحة الغوغائية الجماهيرية باستلهاب عاطفتهم حول القوة الأميركية في العالم لكسب الصوت الإنتخابي لديهم وما تصريحات ترامب الأخيرة عن ذلك ببعيد !!.
لا شك أيضاً ، أن الشعبوية في دول العالم المتقدم قد وصلت اليوم إلى مرحلية خطرة تنذر بأزمة أخلاقية شائكة تتعارض مع القيم الحضارية المعهودة عنها ، ومما يزيد الأمر سوءاً هو تلك المادة الإعلامية الدسمة التي يقدمها الترويج الدعائي الإنتخابي للأحزاب السياسية الكبرى في أوروبا وأميركا كترويج سلبي للشعبوية العنصرية في العمق الثقافي لتلك الشعوب المتحضرة ، وهذه الحالة المأساوية نشهدها اليوم تماماً في انتخابات أميركا وبريطانيا وألمانيا وربما تعم أوروبا وبقية الدول التي تدعي الأوج الحضاري بينما واقعها المأزوم ينم اليوم عن انتكاسة حضارية صعبة !!.
حوار ولي العهد مع أشهر القنوات الإعلامية الأميركية وبلغة قوية جادة وعقلانية عبقرية أسكتت كل أبواق الشر التي عادت إلى خيبتها حاسرة بعد أن خسرت رهانها وتحديها حول الرد السعودي تجاه تصريحات الرئيس الأميركي ترامب ، فشخصية المملكة الحديثة تنم عن الدولة الشجاعة التي تهندس تحالفاتها بذكاء ، كما أن حوار القرن جاء إعلاناً مهماً عن تعاظم الإقتصاد السعودي كأكبر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط ، وبأن تاريخ المملكة يتجلى بوضوح أنها لم ولن تدفع أية أموال لأي جهة في العالم مقابل الحماية لأنها ببساطة متناهية قادرة وبجدارة متمكنة على حماية أرضها وحدودها ، وفي هذا رسالة مهمة حول سيادة الوطن السعودي كخط أحمر يحظر الإقتراب منه ولو من القوة العظمى في العالم !!.
وأخيراً ، حفظك الرحمن يا ولي العهد ، فقد أثلجت صدورنا بحديثك القوي مع بلومبيرغ وهي القناة الأشهر ثقةً في العالم ، وقلت كل ما نود استماعه حول النفط وأرامكو ونيوم ومكافحة الفساد والتطور الإقتصادي والعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ، فلله درك من قائد محنك ومتحدث جسور ، فشكراً لك ، وشكراً لمن أهداك لشعبك ولياً لعهده ، فشكراً لخادم الحرمين الشريفين .