سامحني .. يا زوجي العزيز ، اثقلتُ عليك كثيراً طوال رحلة حياتنا الشاقة ..
نحن عادةً نحزن ، نتورط بالخيبة ، لأننا وقعنا في فخّ من الخذلان والضياع الذي كان أن أخذ منا تفكيرًا وانتظارًا وأيامًا وربما عمرًا كاملاً في أننا بكل بساطة رغبنا أشياء بشدة ، بالنسق الذي يبقينا على ضفافها نشعر بالهزيمة والفراغ والندم الموجع .
ففي اليوم الذي كنت أعيش فيه على نمط حياتي المعتادة بين أسرتي في سعادة وهدوء واستقرار ،كانت لدي الكثير من الآمال والطموح ، تخرجت من الجامعة وتزوجت وكانت تجربتي الأولى فاشلة ، حيث تزوجتُ رجلًا لا يستطيع تحمل المسؤولية ، كان خاضعًا لأخته ، مسيرًا في طاعة عمياء لها ، حتى قامت بتدمير حياتي الزوجية بمكائدها وتدابيرها الدائمة ، إلى الدرجة التي اصبح أخذ الإذن منها مقدم على أخذ إذن منه ، وهنا قررتُ الانفصال ، وتم ذلك وارتحت من الهم الكبير الذي أثر في حياتي .
بعد ذلك تزوجت من رجلٍ آخر ، وكان أفضل من السابق من حيث تحمل المسؤولية ، والإحساس بي ، والعمل على إسعادي بكل مايستطيع فعله ، ولكن معاناته تكمن في ظروفه المادية الصعبة ، وتحمل الديون الكثير ، التي تتكاثر وتطول متاهاتها ، فهو المعيل الوحيد لأمه وإخوته من ذكور وإناث ، كان رجلًا بمعنى الكلمة ، خلوق وحنون ومسالم ، لايحب المشاكل أبدًا ، ويقدرُ الحياة الزوجية ، وعندما يستلم راتبه الشهري يقوم بتوزيعه بين بيته وبيت والدته ، وهنا كثرت ديونه ، انجبت منه أبناء وبنات ، وزادت الديون عليه ، كان يحب أبناؤه حباً جما، يوفر لهم كافة متطلباتهم بكل حب وسرور ، بلا ملل ولا كلل ، فقد سبق له أن تزوج قبلاً ولم يرزقه الله بأبناء من زوجه السابقة ، حتى ظن أنه ربما عقيم لا ينجب .
استمرت حياتنا الأسرية ولكن كانت تكثر ديوننا باستمرار واصبحت القروض البنكية والديون تثقل كاهلنا شهرًا بعد شهر ، غير أن تحملنا من أجل الحب الذي بيننا كان أكبر وأقوى ، وهبني قدرة على التحمل إلى حدٍّ لم اشتكي من الحال يوماً ما، كنتُ أعمل بوظيفة أفضل وبراتب أعلى وهذا يساعد ، يسدد ويقارب من أجل أن تستمر حياتنا الزوجية في تماسك وهدوء وراحة بال .
كان الأمر أحيانًا يفيض بي ، وأضجر ويعلو صوتي فوق صمته الصبور ، وأقول بكل عتاب : " نعم أحبك لكني عانيت من الديون والقروض بالشكل الذي لا استطيع معه أن أكون كإي امرأة تستطيع شراء ما تريد من ألبسة وأدوات زينة وكماليات نسائية خاصة ، فيبتسم لي ويصبرني ولا يتوقف عن العمل ليل نهار ، ليحقق ما نريد أنا وأبنائي ، كان يعمل في الصيف والشتاء ، وكل الأحايين بلا توقف ، غير أن ثمن ذلك يضيع لسوء اقتصاده وادخاره وافتقاره للتدبير الأمثل للمصاريف ، فتزداد الهموم والديون من جديد ، حتى كثرت مشاكلنا واصبحتُ أجادله وأعربُ عن اعتراضي وغضبي الدائمين على ذلك العبث ، وكان يبتسم لي ويقول : "صبراً جميلاً " .
ابتلى زوجي بمرضٍ اصبح يعانيه ، وذهبت المبالغ المالية تكلفةً في الفحوصات والصور والأدوية ، اتجهتُ بعدها لشرح الوضع لإخوتي وأن الأمر أثقل كاهلنا ، ساعدونا كثيرًا بالوقوف جانبي أغلب الوقت إلى أن شعرت يومًا بالخجل منهم ولم أعد إلى ذلك السبيل طلبًا ، واستمرت المعاناة ، وتفكيري في حال اطفالي الذي يصعب كل يوم ، وكيف لي أن أوفر لهم المأكل والمشرب والمصروف المدرسي والملابس ومتطلبات الحياة ؟ كيف ؟
إلى أن جاء يوم اشتد فيه مرض زوجي إلى الدرجة التي يُشاهد فيها الألم في وجهه ، والمعاناة في خطواته وعدم قدرته على الحركة إلا بصعوبة ، لكنه أصرّ على الذهاب إلى العمل ، ودعني موصيًا إياي وفي عينيه الوداع والدموع المكتومة ، والتي وقفت حيالها بلا حيلة أو وسيلة وكان فعلاً ذهاب إلى الأبد عانى من ازمة شديدة يومها وتوفي في مقر عمله ، وعندما وصلني خبر وفاته اصبحت كالمجنونة التي ذهب نصفها وسندها ، اتذكر معاتبتي له ولومي واشتدادي عليه ، ذهب وتركني أعاني الحياة بدون رفيق أو سند ، بكيت مراراً على حالي ، حزنت حزن الأنثى الكسيرة ، الثكلى التي لا تملك للصفحة السوداء القاتمة في فراغ حياتها قلم أبيض تشق فيه طريق ، وقتها لم أنسَ ولن ما قدموه اخوتي من مساعدة استطعت برحمة ربي بعدها أن أقف من جديد وأعمل من أجل أطفالي ، حيث وصلني خبر بأني حصلت على مبلغ مالي كبير من عمل زوجي ، وكذلك وصلني حصولي على مبلغ آخر بكافة حقوقه ، وهنا بكيت بشدة على زوجي وتذكرت حديثه المؤمن ، عندما كان يصبرني ويحثني على الهدوء والصبر والتوكل على الله وخاصة إذا قلت له كيف نأمن حياة كريمة مستقبلية لأبنائنا ؟ ورده الحسن بأن على الله الرزق ولن ينساهم .
ذهبت لاستلام المبالغ وعندما تناولتها اشتد ألمي عليه ، وكانت يدي ترتجف بشدة وخفة ، تمنيت أن يعود بي الزمن إلى الوراء ، واخبره بأن الله فعلاً معنا ولن يضيعنا وأن لكلٍ رزقٌ مقدرٌ و معلوم لن يُخطئه ، تمنيت أن يتجدد بنا لقاء أتوسله فيه ، بأن يسامحني ويغفر لي ما كنت اتهمه به بأنه لاينفعنا ولا يأبه لشأننا .
اخبرنا صديق له مقرب ، بأنه كان يعمل أكثر من المطلوب منه ، حتى في الإجازات وأوقات الراحة وفرص الجُمع ، ليترك لنا بعد وفاته مبلغًا لا بأس به نستطيع بجزءٍ منه تسديد ديوننا وجزء آخر تستقر به حالنا في سعادة وهناء ، استمر أحساسي بالفقد ومازال قلبي يعتصر ألماً وحزناً على رحيله اليوم وغداً وإلى الأبد . .
ففي اليوم الذي كنت أعيش فيه على نمط حياتي المعتادة بين أسرتي في سعادة وهدوء واستقرار ،كانت لدي الكثير من الآمال والطموح ، تخرجت من الجامعة وتزوجت وكانت تجربتي الأولى فاشلة ، حيث تزوجتُ رجلًا لا يستطيع تحمل المسؤولية ، كان خاضعًا لأخته ، مسيرًا في طاعة عمياء لها ، حتى قامت بتدمير حياتي الزوجية بمكائدها وتدابيرها الدائمة ، إلى الدرجة التي اصبح أخذ الإذن منها مقدم على أخذ إذن منه ، وهنا قررتُ الانفصال ، وتم ذلك وارتحت من الهم الكبير الذي أثر في حياتي .
بعد ذلك تزوجت من رجلٍ آخر ، وكان أفضل من السابق من حيث تحمل المسؤولية ، والإحساس بي ، والعمل على إسعادي بكل مايستطيع فعله ، ولكن معاناته تكمن في ظروفه المادية الصعبة ، وتحمل الديون الكثير ، التي تتكاثر وتطول متاهاتها ، فهو المعيل الوحيد لأمه وإخوته من ذكور وإناث ، كان رجلًا بمعنى الكلمة ، خلوق وحنون ومسالم ، لايحب المشاكل أبدًا ، ويقدرُ الحياة الزوجية ، وعندما يستلم راتبه الشهري يقوم بتوزيعه بين بيته وبيت والدته ، وهنا كثرت ديونه ، انجبت منه أبناء وبنات ، وزادت الديون عليه ، كان يحب أبناؤه حباً جما، يوفر لهم كافة متطلباتهم بكل حب وسرور ، بلا ملل ولا كلل ، فقد سبق له أن تزوج قبلاً ولم يرزقه الله بأبناء من زوجه السابقة ، حتى ظن أنه ربما عقيم لا ينجب .
استمرت حياتنا الأسرية ولكن كانت تكثر ديوننا باستمرار واصبحت القروض البنكية والديون تثقل كاهلنا شهرًا بعد شهر ، غير أن تحملنا من أجل الحب الذي بيننا كان أكبر وأقوى ، وهبني قدرة على التحمل إلى حدٍّ لم اشتكي من الحال يوماً ما، كنتُ أعمل بوظيفة أفضل وبراتب أعلى وهذا يساعد ، يسدد ويقارب من أجل أن تستمر حياتنا الزوجية في تماسك وهدوء وراحة بال .
كان الأمر أحيانًا يفيض بي ، وأضجر ويعلو صوتي فوق صمته الصبور ، وأقول بكل عتاب : " نعم أحبك لكني عانيت من الديون والقروض بالشكل الذي لا استطيع معه أن أكون كإي امرأة تستطيع شراء ما تريد من ألبسة وأدوات زينة وكماليات نسائية خاصة ، فيبتسم لي ويصبرني ولا يتوقف عن العمل ليل نهار ، ليحقق ما نريد أنا وأبنائي ، كان يعمل في الصيف والشتاء ، وكل الأحايين بلا توقف ، غير أن ثمن ذلك يضيع لسوء اقتصاده وادخاره وافتقاره للتدبير الأمثل للمصاريف ، فتزداد الهموم والديون من جديد ، حتى كثرت مشاكلنا واصبحتُ أجادله وأعربُ عن اعتراضي وغضبي الدائمين على ذلك العبث ، وكان يبتسم لي ويقول : "صبراً جميلاً " .
ابتلى زوجي بمرضٍ اصبح يعانيه ، وذهبت المبالغ المالية تكلفةً في الفحوصات والصور والأدوية ، اتجهتُ بعدها لشرح الوضع لإخوتي وأن الأمر أثقل كاهلنا ، ساعدونا كثيرًا بالوقوف جانبي أغلب الوقت إلى أن شعرت يومًا بالخجل منهم ولم أعد إلى ذلك السبيل طلبًا ، واستمرت المعاناة ، وتفكيري في حال اطفالي الذي يصعب كل يوم ، وكيف لي أن أوفر لهم المأكل والمشرب والمصروف المدرسي والملابس ومتطلبات الحياة ؟ كيف ؟
إلى أن جاء يوم اشتد فيه مرض زوجي إلى الدرجة التي يُشاهد فيها الألم في وجهه ، والمعاناة في خطواته وعدم قدرته على الحركة إلا بصعوبة ، لكنه أصرّ على الذهاب إلى العمل ، ودعني موصيًا إياي وفي عينيه الوداع والدموع المكتومة ، والتي وقفت حيالها بلا حيلة أو وسيلة وكان فعلاً ذهاب إلى الأبد عانى من ازمة شديدة يومها وتوفي في مقر عمله ، وعندما وصلني خبر وفاته اصبحت كالمجنونة التي ذهب نصفها وسندها ، اتذكر معاتبتي له ولومي واشتدادي عليه ، ذهب وتركني أعاني الحياة بدون رفيق أو سند ، بكيت مراراً على حالي ، حزنت حزن الأنثى الكسيرة ، الثكلى التي لا تملك للصفحة السوداء القاتمة في فراغ حياتها قلم أبيض تشق فيه طريق ، وقتها لم أنسَ ولن ما قدموه اخوتي من مساعدة استطعت برحمة ربي بعدها أن أقف من جديد وأعمل من أجل أطفالي ، حيث وصلني خبر بأني حصلت على مبلغ مالي كبير من عمل زوجي ، وكذلك وصلني حصولي على مبلغ آخر بكافة حقوقه ، وهنا بكيت بشدة على زوجي وتذكرت حديثه المؤمن ، عندما كان يصبرني ويحثني على الهدوء والصبر والتوكل على الله وخاصة إذا قلت له كيف نأمن حياة كريمة مستقبلية لأبنائنا ؟ ورده الحسن بأن على الله الرزق ولن ينساهم .
ذهبت لاستلام المبالغ وعندما تناولتها اشتد ألمي عليه ، وكانت يدي ترتجف بشدة وخفة ، تمنيت أن يعود بي الزمن إلى الوراء ، واخبره بأن الله فعلاً معنا ولن يضيعنا وأن لكلٍ رزقٌ مقدرٌ و معلوم لن يُخطئه ، تمنيت أن يتجدد بنا لقاء أتوسله فيه ، بأن يسامحني ويغفر لي ما كنت اتهمه به بأنه لاينفعنا ولا يأبه لشأننا .
اخبرنا صديق له مقرب ، بأنه كان يعمل أكثر من المطلوب منه ، حتى في الإجازات وأوقات الراحة وفرص الجُمع ، ليترك لنا بعد وفاته مبلغًا لا بأس به نستطيع بجزءٍ منه تسديد ديوننا وجزء آخر تستقر به حالنا في سعادة وهناء ، استمر أحساسي بالفقد ومازال قلبي يعتصر ألماً وحزناً على رحيله اليوم وغداً وإلى الأبد . .