فساد الكلمة
للكلمة دور في الوجود، فهي أساس الموجودات ومنها وبها كانت كينونة الإنسان ومحيطه، فالوجود هو كلمات الله التي لا نهاية لها، والكلمةطاقة لإبداع أو فشل، لهزيمة أو نصر، لبسمة أودمعة، لحزن أو فرح لغضب أو حلم، لحرب أو سلام.
لهذا ففساد الكلمة أشد أنواع الفساد تأثيراً في الدول والمجتمعات، لأنه يُفسد الدين الصحيح والعقل والضمير والوجود، وبفسادهم تختفي القيم وتسقط الإنسانية ويتحول *الإنسان إلى وحش فاقداً لإنسانيته مدمراً لعلاقاته الإنسانية، وللحياة، كما أن فساد الكلمة يعمل على تبرير وتأسيس كل أنواع الفساد والمظالم. والفساد ظاهرة ثقافية في المجتمع اليمني والمجتمعات الأخرى، كما هو ظاهرة إنسانية، يوجهها جشع النفس الإنسانية، التي تستشري وتتغول في غياب ضوابط الدين والقيم والقانون والمجتمع، والفساد في اليمن ليس وليد اللحظة الراهنة بل جذوره ممتدة من أيام ثقافة *"حق ابن هادي" أيام الإمامة إلى ثقافة "حق القات " وثقافة "احمر عين" في أيامنا.
والفساد في اليمن جعل منه النظام السابق أسلوب عمل وحياة، عند كل طبقات المجتمع وفِي كل مجالات الحياة، ولن نستطيع بناء وطن المستقبل دون محاربته.
محاربة الفساد تتطلب خطة ومشروع متكامل إجرائي قانوني تعليمي تربوي تثقيفي ديني إعلامي، وهذا ما نفتقده اليوم في ظل معركة مواجهة مليشيا الإنقلاب المُؤَسَسْ والقائم على أُس الفساد "فساد الكلمة"، والمتشعب منه كل أنواع الفساد، ولهذا انقلبت المليشيا الحوثية الإيرانية على الشرعية، لمنع قيام الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة، التي ستقضي على الفساد، من خلال القضاء على الهيمنة والسيطرة على السلطة والثروة مرتع الفساد وحاميته.
وللكلمة دور في محاربة الفساد وفِي التوجيه والتقويم وصلاح وإصلاح سلوك المجتمعات والأفراد، والعكس صحيح فهي سلاح ذو حدين، وبرأي فإن القائمين اليوم بالأمر بالمعروف والناهين عن المنكر، هم السلطة الرابعة حملة الأقلام الكاتبين للكلمة بكل أشكالها من حروف مكتوبة أو صورة مرئيّة أو صوت مسموع أو نغمة معزوفة، ومعهم المنظمات المهتمة بالإنسان سواء منظمات مجتمع مدني أو حقوق الإنسان، لكنه من المؤسف أن بعض حملة الكلمة لا يضعون للكلمة اعتبارها ولا يضعونها في مقامها بإعطائها حقها من المصداقية والتحري والدقة ولا بتحديد الأولويات التي يجب عليها إما الدعوة لها أو الدفاع عنها أو تقويمها أو مواجهتها.
على حملة الكلمة مواجهة معركتنا الأساسية بإسقاط الإنقلاب وتبعاته، وتوضيح دلالات وفوائد مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة على بناء الوطن والمجتمع والتخلص من كل قيود وأغلال تنمية الوطن والمجتمع وعلى رأسها الفساد.
وأن يعيدوا للكلمة نزاهتها بما تحمله من قوة الحقائق والوقائع، والتحقيقات المدعمة بالوثائق لا الأقاويل والإشاعة، وبحقيقة الكلمة ومصداقيتها لا بكذبها وزيفها ولا بتوظيفها السياسي، على حملة الكلمة جعلها صوت حق وتصحيح لا سوط ابتزاز لمكسب أو وظيفة.
ففساد الكلمة هو المقدمةلكل أشكال *الفساد فبه تنهار القيم والدول .