مشروع تحرير الأمة
فشلت كل المشاريع السياسية، التي تم رفعها في المنطقة سواء على مستوى المشاريع التي وصلت للسلطة والتي لم تصل، وذلك لأنها قدمت المشروع السياسي قبل المشروع الثقافي والإقتصادي، فخلقت مشروعاً سياسياً هجيناً ومشوهاً، فلم تستطع الأمة التحليق والإنطلاق بمشروعها السياسي، لأن جناحيه المشروع الثقافي والإقتصادي، مكبلين بأغلال الهيمنة السياسية والثقافية والإقتصادية للأخر، وبتراثنا وفقهنا المغلوط، وثقافة الأخر وإقتصاده مرتبطين بإشكالياته الثقافية والإقتصادية والسياسية، بينما تراثنا وفقهنا مرتبط بزمانه ومكانه ومعارفه وناسه ولَم يعد مناسباً لنا وزماننا ومكاننا ومعارفنا ناهيك عما تسلل له من تراث وفقه مغلوط ليس لهما في دين الله مكان.
أما الإقتصاد فهو أبو السياسة وأمها، وهو المحرك الأساسي لها، فكل المشاريع السياسية والحروب، وصعود الحكام والدول وإسقاطهم من نابليون وبسمارك إلى اليوم، والمؤتمرات المعلنة والغير معلنة المتحكمة في مسارات الدول والحكام، من برايتون وودز وقبلها وبعدها، تمر من بوابة الإقتصاد وارتباطه بالذهب والدولار وبالنفط والممرات التجارية والبنوك الدولية، وهو من يولد الفعل السياسي في العالم اليوم، فإن لم ندرس ونفهم هذا الإرتباط وتلك العلاقة، لن نستطيع التحرر إقتصادياً أو سياسياً. وفشلت كل المشاريع العربية السياسية لإغفالها ذلك، وواجب على الإقتصاديين الإبداع في هذا الجانب بإيجاد مشروع اقتصادي مبدع يخرجنا من الهيمنة الإقتصادية كما على المثقفين من رجال دين وغيرهم الإبداع بإيجاد مشروع ثقافي مبدع يخرجنا من هيمنة التراث والفقه المغلوط وثقافة الأخر من خلال الإستفادة من ثقافة الأخر بما يتناسب مع قيم ديننا وزماننا ومكاننا وكذلك قراءة رسالة الإسلام قراءة معاصرة بعيوننا وعقولنا ومعارفنا لنتفاعل معها مستنبطين حلولاً معاصرة لإشكالياتنا المعاصرة والإستفادة من تراثنا وفقهنا بما يناسب عصرنا ومكاننا ومعارفنا وتنقيته مما علق به من تراث وفقه مغلوط.
والمشروع الإقتصادي والثقافي هما جناحا المشروع السياسي المكمل والمكتمل، لينطلق بالأمة ليحررها ويخرجها من براثن أغلال الهيمنة بكل مسمياتها، وهذه المشاريع يجب أن تضبطها القيم الإنسانية في رسالة الإسلام الخاتم، ليكون المشروع إنسانياً يخدم الناس كل الناس، بغض النظر عن معتقدهم وجنسهم ولونهم، ليس فيه احتكار لسلطة ومال، أو اكتناز للثروات، فهذه المشاريع المجتمعة تُكوّن مشروع التحرر الذي يستهدف الإنسان وكرامته وتكريمه، ومدخلنا في اليمن لذلك قيام دولة اتحادية بأقاليم ستة يتنافس فيها الإبداع الديني والإقتصادي والثقافي والسياسي لخدمة الإنسان اليمني وكرامته وتكريمه من صعدة إلى المهرة .
ملاحظة:
حول مصطلح الأمة بالمفهوم القرآني هي كل جماعة عاقلة وغير عاقلة تُمارس سلوكاً واحداً فنحن المسلمون المؤمنون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام نمارس سلوك واحد في إداء صلوات خمس ونصوم شهر رمضان ونؤتي الزكاة ونتجه لقبلة واحدة فنحن الأمة المسلمة المؤمنة التابعين لرسالة الإسلام الخاتم.