صرعة سكب الثلج الترويجية ؛ ماذا أحدثت في المُجتمع السعودي !!
أ.ناهــد الحربي :
*
ارتبطت صورة الثلج في ذاكرة الإنسان في كل أصقاع الأرض بالنقاء والعفة والطهارة، وربما جاء هذا الارتباط من لون الثلج الأبيض الناصع,*وهناك ربط آخر بين الثلج والموت،*ففي أحيان أخرى يكون الثلج رمزا للموت البطيء والقاسي، والذي جاء بطبيعة الحال بسبب ترافق تكوين الثلج في وجود تيارات باردة ومتجمدة ومع غياب للشمس وهبوط حاد لدرجات الحرارة، وبعد أن كان الثلج رمزاً للعفة والطهارة، ورمزاً للموت، ( أصبح اليوم وسيلة لشفاء المرضى*)!!.
فهل نستطيع سكب وعاءً من الثلج على رؤوسنا؟.. سؤال مهم *مهم تبدو الاجابة عنه سهله كنوع من التسلية والترفيه ؛ لكنه تحدٍ صعب أصبح حديث العالم على شبكات التواصل الإجتماعي بإعتباره جزءاً من حَملة للوقاية ضد مرض "التصلب العضلي الجانبي".
فما قصة هذا المرض ؟.. وماعلاقته بالمرض ؟؟
*وهذا المرض يُعرف علميا بمرض "التصلب الجانبي الضموري"، وهو مرض عصبي خطير يسبب ضعفاً للعضلات، ومن ثُم العجز حتى الموت!، وقد ثبت إكلينيكياً أن هذا المرض ينحصر غالباً في الأعمار من ( 50-70)، وهو شائع لدى الرجال أكثر من النساء بنسبة تصل إلى (2:3)، ونتيجة لخطورة هذا المرض الذي تفاقم في الآونة الأخيرة" قامت إحدى المؤسسات العلمية الأمريكة بنشر فكرة ترويجية من أجل التوعية به، وتقوم الفكرة الترويجية في عرض تحد على الأشخاص من خلال "شبكات التواصل الإجتماعي" بعنوان (تحدي وعاء الثلج)، حيث يقوم أحد الأشخاص بسكب الماء المُثلّج على نفسه، وينشر مقطع الفيديو على "شبكات الإنترنت"، ويتحدى شخصاً آخر، وفي حال رفض الشخص التحدي خلال (24) ساعة، يقوم دفع (100) دولار للمؤسسة، وفي حال قيامه بالتحدي فعليه دفع عشرة دولارات فقط
وبدأ التحدي في الولايات المتحدة الامريكية في عام (2013) , وكان هدفه في البداية جمع التبرعات لعدة انواع مختلفة من مرضى السرطان .. , والتي بدأ لاعب الجولف ( كريس كينيدي* ) الذي قام بتحدي ابنة عمه التي يعاني زوجها من مرض التصلب العضلي الجانبي ؛ فنفذت التحدي وقامت بنشر الفيديو على شبكات الفيس بوك " وقامت هي بدورها بتحدي شخص آخر " حتى تنتشر الفكرة بشكل سريع للعالم كله ..!!
***** وبعد هذا الانتشار السريع للتحدي؛ شارك عدد كبير من الشخصيات العامة في هذا التحدي، وقاموا بسكب الثلج فوق رؤوسهم، بالإضافة إلى دفع الـ (100) دولار لصالح المؤسسة كنوع من التوعية والتبرع في آن واحد !وعرضت المؤسسة فكرة التبرع بهذا الاسلوب على عدد من المسؤولين في قطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة " , وقبل معظمهم التحدي بالمشاركة بالتبرع وبسكب الماء المثلج بهدف ( الترويج للحملة والتوعية بالمرض )
*واشتملت قائمة المشاركين على عدد ضخم من المشاهير " أمثال اوبرا وينفري , ومارك زوكربيرج مؤسس فيس بوك " , الذي تحدى " بيل جيتس " مؤسس شركة مايكروسوفت !
وامتد ذلك الى ان وصل الى مشاهير الغناء والتمثيل والكرة والسياسة، ونجحت الحملة في جمع* ملايين الدولارات لصالح علاج هذا المرض.!!!
وبسبب حداثة* هذه الفكرة واختلافها عن بقية الافكار الترويجية ؛ اعلنت الحملة أنها استطاعت جمع (13,3) مليون دولار من المتبرعين في الولايات المتحدة فقط !
*
فماذا كان رد الفعل في عالمنا العربي وبمجتمعنا السعودي على وجه الخصوص إزاء هذه الصرعة الترويجية؟
لقد انتشرت هذه الصرعة ولكن بشكل مختلف، فقد مارسها كثيرون وكثيرات من المشاهير والعامّة بإعتبارها نوعاً من التقليد الأعمى دون الإلتزام بالدفع للمؤسسة صاحبة الفكرة، وهو ما أخرجها عن هدفها الإنساني المتمثل في جمع التبرعات للمرضى، ولم يقف الأمر عند حد ممارسة بعض المشاهير العرب لسكب الثلج على الرؤوس؛ بل امتد الأمر إلى قيام الكثير من الأطفال والشباب بممارسة سكب الثلج على الرأس دون هدف محدد، وهو ما أدى إلى شيوع حالات الإصابة بنزلات البرد أو الصدمات العصبية في بعض الأحيان، بل إستهجنها كثير من المثقفين وأصحاب الرأي، وأولياء الأمور، ومازالت هذه الصرعة متداولة بين أوساط الكثير من الأسر العربية والسعودية، ويحاولون تقليد الفكرة دون مبرر مفهوم أو هدف من ورائها، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن جدوى القيام بهذا النوع من التحدي؟!!.
هل هو فراغ يعاني منه شبابنا؟، أم قصور في أداء دور المسجد والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية؟..
*وأتساءل:*لماذا لا تنتشر كتئب إلكترونية على شبكات التواصل الإجتماعي فتقوم بالتوعية الجادة، فإما نمارسها ونتبرع لمرضانا؛ أو نكف عنها احتراماً لقيمنا وأخلاقنا العربية الإسلامية؟.. وهي دعوة موجهة للشباب السعودي الذين شكَّلوا فريقاً رائعاً لمحاربة الشائعات التي تستهدف المجتمع السعودي, آملة ان يجدوا حل لما يحدُث من قلة وعي , وجهل الحق الضرر بمجتمعنا السعودي !.*