المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عن د.ابراهيم عباس نــَـتــّو

عميدسابق بجامعة البترول.

تنظيمِ حياتنا الأسَرية



بدايةً، عفا الله عما سلف؛ و (أعان الله) الأُسر التي مضت فيما سبق بمفاهيمٌ تواكلية، و تشبثت بـ(توقعات) اقتصادية اقرب الى الخيالية! و رغم اننا قد نجد بين المترفين من يرى وضعه المعيشي مكتملَ المرافق و متوافرَ الخدمات و الترفيه و الحياة 'النوعية'.. فيفترض و يتخيل ذاك متوافراً لدى الغير! فعلينا، بالمقابل، النظر بواقعية و بأمانة و بشفقة اعمق نحو ما ينتظر (أجيالنا القادمة).

و لمـّا كان من غير اليسير أن يتم تغيير ما بالمجتمع بأسره.. فصار لزاماً على كل زوجين بكل أسرة جديدة أساسية فردناية ان تتولى شؤونها بمفردها (و هو غير ما كان في الأسر التقليدية القديمة التي كانت متكافلة (ممتدة)؛ و حيث كان التعاون و التكافل نمطاً عاماً لتوفير المنصرفات في كنف و المساعدة المباشرة من الوالدين و ذويهما، في المسكن الواحد او المتلاصق؛ و مع توزيع الموارد و توفير الخدمات و العناية للجميع. فلقد تطوّرت الأمور و تعقدت؛ فصار كامل العبء على ('رب)ِّ الأسرةِ.. و (ربـتـِّها').. لوحدهما!

و عندنا: منذ و خلال العقود العقود الخمسة المنصرمة، فإن بيوتات البحوث التنموية و الدراسات السكانية العالمية، من مؤسسات/ شركات خطط خمسية، و عشرية الخ ..كانت -ولا زالت- تذكــِّرُنا (حتى بدءاً بحيثيات أضابر تلكم الخطط التنموية، و تقرير البنك الدولي و أساسات خطتنا الخمسية التنموية (الأولى) 1975-70م فكانوا دوماً ينبهوننا الى المستوى المتفاقم لنسبة النمو السكاني عندنا: و أنها في اعالي المستويات!

فأرى اهمية النظر في وضعنا السكان، لكن باعتبار مقومات المعيشة السوية؛ و بدون التثبث بمنطق صار معتاداً عندنا و مبنياً فقط قول و تكرار ان ارضنا شاسعة (حوالي المليوني كيلاً مربعاً) و ذلك بدون التذكر بأن ربما 70% منها هو قاحل أو متصحر، و لا يصلح حتى لمن كانوا يـُنعتون بالبدو الرُحـّل!

و ليتنا لا نمضي في تحاشى التحمل الفردي و المسؤلية الذاتية في علاج امورنا بما في حيزنا و بمقدورنا و في نطاق ما يتبعنا في بيوتنا. و لا أن نمضي فنعلِّق معاليقنا على ما دأب عليه متفيقهونا من ان المسألة (كلها و برمتها) اساسها سوء الإدارة و ضعف الأمانة.. فمع ان ذلك قد يكون حقيقة متفشية في جل الـ194 دولة بالأمم المتحدة و في العالم؛ و لكن لعل هذا هو فقط نصفُ الحقيقة.

و يبقى -في الأسرة كوحدة سكانية/إسكانية واحدة- أن على كل خاطب مُرتــَقِب، و عروسِِ مُرتـَغَب، أن يتنبها و يعـِيا ما هو امامهما؛ وأن لا يمضيان مفترضَين الاعتماد على الغير في تسيير دفة حياتهما و رعاية شؤونهما، بينما كانا هما السببُ فيما يجلبانه الى الحياة. و بذا لانضطر لقول الشاعر ابي العلاء المـَعرّي: هذا جناهُ ابي عليّ، و ما جـَنيتُ علَى أحد

فليتنا نتدبر اوضاعنا، كل فرد منا، و أن نسيّر امورنا بأنفسنا، كلٌ في نطاق بيته و محيطِ اسرته الصغيرة؛ و أن نتصرف ببصيرة، في حدود ما هو في 'وُسع' إمكاناتنا؛ و بلا افراط في الاعتماد على الغير.. لا في القطاع الخاص و لا في الفضاء العام.
و بالتالي، لعل من المطلوب التفكير جـِدّياً في الحد من الافراط في الانجاب و في تحاشي التساهل في التناسل.

و لتكن لنا عظة في عدد غير قليل في بلدان العالم 'الثالث'، كمصر، و الصومال، و بنگلادِش، و الحبشة.. و في عدد من دول امريكا (اللاتينية) و في بعض شرق آسيا، من تفاقم السكان و تضاؤل الموارد.. و الالتجاء للهجرة المؤلمة و المذلة احياناً الممِيتة و حينما تلجأ دولهم للاستدانات الدُّولية المـُغرِقة..و المستدامة!

(لقد تألمتُ حين وجدتُ ان الناس في الصومال و الحبشة، مثلاً، لا ينظرون الى تواجد ستة اطفال -او حتى اكثر- على انه عبء إقتصادي.. و لا يدركون الحِمل الثقيل المزمن على بلدهم و على ميزانياته؛ بل و إني فوجئت بنظرتهم الى ان بتلك الاعداد الكثيرة تاميناً و ضمانة إزاء انتشار الملاريا و غيرها من الامراض الفتاكة هناك؛ و اضاف بعضهم الى امكان النظر الى شيئ من الضمان -او التوقع في مساعدة اولادهم لهم فيما -و إذام- عجزت السلطات -لفسادها أو لتدني كقاءتها او لسوء ادارتها- عن تقديم العون و الخدمات لهم!)

و عودة لحالنا نحن، فيحسن الشروع حثيثاً -و جدياً- في التفكير باعتبار أنّ: الأطفال إثنان؛ و الثالث ورطان؛و الرابع: غلطان و فلسان! (و أسارعُ بالقول بأن ليس القصد هنا النواحي المادية (و لو ان هذا لن يلغي المطالبات للحصول على: *الآيفون، و الآيپود، و الآيپاد.. و بقية الآي-الآي.ات!!)

كما و ليس المقصود فقط التفكير -جدياً- في تزايد تكاليف الصحة و التعليم و التأمين بأنواعه؛ و لا في تغطية نفقات حتى شيئ من التنزه و السفر، و بعض من الترويح عن النفوس..
بل المقصود هنا هو النواحي الاخطر و الأهم: النواحي 'غير المادية'. و هنا علينا ان نتساءل: كم من الوقت صار ميسوراً لدينا و بمتناولنا؟ و كم من فرص من الالتقاء اليومي صار متوافراً لدينا في بيوتنا مع اطفالنا، و لو لطرف من محادثة او حصة من منادمة.. لتفقد ِِأحوالهم؟

و لنا أن نتذكـِّر هنا بأننا لا زلنا في الحديث عن إدارة و رعاية (طفلين اثنين!)؛
فما بالكم لو تواصل الافراط التناسلي و زاد التوالد و الانجاب عن (اثنين من الأطفال)؛ فإنه يُخشى عندها على الخطط التنموية قصيرة و متوسطة و طويلة المدى من عدم بلوغ أهدافها (و لا حتى استشراف ًرؤاهاً)،

و عسانا -مع قلة التنظيم الأسزي- لا نضطر لتمديد خططنا، و لتطويل (رؤانا)- لسنوات.. و ربما لعقود.



*عميدسابق بجامعةالبترول.

 0  0  19.3K