كلمة وكلمة
صامتٌ وكلمةٌ منه عمرٌ يُعاش قرون
هي كلمة لكنها ليست كالكلمات، كلمةٌ تنطقها أو تكتبها أو ترسمها أو بأي طريقة توصلها تغير مجرى ومجريات حياتك وماذاك إلا لأنها انطلقت من روحٍ تدرك تمامًا أنها احتلتك في كل جنباتك، في صحوتك و في منامك، في فرحك وفي أحزانك، حتى في قمة انشغالك، فبعضهم حديثه يدنيك من الثراء وبعضهم حديثه يدنيك من الرثاء وهي في ختامها كلمة، لكنك تلج بها مخدعك ساكنًا مطمئنًا منتشيًا تعانق بتلات الفرح فيها بكل ألوانها وبكل جمالها.كلمةٌ بدأت معه فأقشعرت أضلاعه وشعر بالبرد يدب في أوصاله، زملوني ... دثروني وإليها وجهوني وبيده تأخذ لتستشير في أمر الكلمة الخطير ليدركوا جميعًا أن الآتي هو التغيير...
وبدأت رسالة السماء، لتنتظم معزوفة الرعونة والكبرياء، وتجتث الكفروالكبر والنفاق والرياء، تمنهج الحياة بكلمات هي معجزة تلاشت عندها فطنة وحذاقة الشعراء والعلماء والحكماء وكل من في الأرض احتار وبالخسران والفشل باء.
وكانت القضية كلمة تبدأ بالسلام وتنتهي بالسلام.
ورب كلمة تتطاير منها سجلات السوء والأهواء، ورب كلمة يُكب بها للجحيم والسعران .
ونحن مع الكلمة في حربٍ ضروس لاتنتهي، وصاحب الشخصية الحساسة ممن من الكلمات يصطلي، تجده على كل حائط ينثني و يئن ويتألم و ويكتوي، وعندما تزداد عليه القذائف بالرمح والسهم والمنجل، العزلة والوحدة والأمراض منه تشتكي، وماذاك إلا لأنه للسهام لم يكن مدرعًا ومكتفي.
لن تُلجم من حولك عن الكلام...
بعض الكلام كِلام...
وبعض الكلام مرام...
وشفاء وروعة وغرام...
فكن للكلام والتجريح غير آبهٍ وكن مع نفسك صريح.
أعذر من لم يجيد صناعة الكلام، فالألفاظ سعادة، ومن لم يشعر بها فلن تجني منه سوى لفظات التعاسة.
تفهم ألمه، وتودد إليه بالإحسان مااستطعت لذلك سبيلًا، ولاتجعل كلماته تسمم أضلاعك، وتسري في أوصالك فتهشمك وتبتك شرايينك ورونق حياتك بل بدلها حُسنًا.
وإن قالوا لك قولًا يوجعك قُل لهم: صدقتم، وخُذ كلامهم على محمل الحب والتصريح لا على محمل الحقد والتجريح ، وانطلق في حياتك بالعمل الجاد للتغيير والتطوير والتحسين.
وفي داخلك كُن موقنًا أنّ* نجاحك وفتيلك قادم، وانجح لتثبت لنفسك أنّك ناجح، وتقف على أرض صلدة صامد لك سموك وارتفاعك والكل يحسب لك حسابك، ولن يأتيك هذا ياصاح من الحساسية والتقوقع أو من الأحقاد والنميمة والتضعضع .
كلمة حب، كلمة شفقة، كلمة عطاء، كلمة مديح، كلمة شكر، كلمة ثناء، وكلمة رحمة تأتيك فترتفع بك لهامات السماء السابعة ، بها يشرق محياك، وتشعر بالسعادة والاطمئنان، فتشفى الآمك المبرحة، وتتخثر جراحك النازفة، وتسعد أنت فيسعد من حولك فالسعادة معدية.
فرفقًا بأرواحنا التي أنهكناها بالكلمات الموجعة ، رفقًا بالأحياء والجماد، رفقًا بالحقيقة والخيال، رفقًا بالضوء والظلام، رفقًا بالطبيعة والجمال، رفقًا بكل شيء، رفقًا بأنفسنا من الخوف من الأيام المقبلة، من القلق على أمور مترتبة، من الكآبة والانتظار للأحلام المتأخرة، فلربما يكون الآتي ظلالات من رحماتٍ وأفضالٍ مدهشة !
أليس الأمر بيده وحياة أعظم خلقه كانت كحياة راكب استظل تحت شجرة ثمّ راح وتركها صلاة ربي عليه وتسليمه بعدد كل الكلمات الطيبة وعدد كل اللكمات المؤلمة مذ خلق الخليقة ربي إلى يوم مبعثه.