هل ستتقبل ذاتك لو استنسخت لتعيش معك ؟
قَد يبدوا عنوان هَذَا المقال مَن العناوين الغريبة والمستنكرة... وذلك لأننا ببساطة لم نطرحه علَى أنفسنا يوماً بل ونستبعده مَن حساباتنا للعديد مَن الأسباب ، و في كثيراً مَن الأحيان نجد أننا نحترف إصدار الأحكام علَى الآخرين وننتقد تصرفاتهم وأفكارهم ، أننا بلا أدنى شك بارعين في نقد الغير ونبذهم أحياناً ، ولكنّ إذا ما وصّل الأمر لذواتنا نجد أننا نختلق العديد مَن المبررات وحتّى عندما نتحدّث عَن أنفسنا فإننا نفعل ذَلِك لنحصد المزيد مَن التقدير وقد نتحدث عَن تعبنا وجهدنا وعملنا لذات السبب وأحياناً نتحدث عَن مرضنا والصعوبات الّتي مررنا بها وذلك لكَسْب المزيد مَن التعاطف والتقدير .
ولكنّ مَاذَا لو قدّر أن تُستنسخ مِنْك ذاتك لتصبح أنت أمام نَفسِك ويُقدر أن تعيش معها وتتعامل معها كأنها شخّص حقيقي هو أنت .... إلى هنا وسّوف أترك لخيالكم الخصب الإبحار في المواقف الّتي سوف تواجهها مع ذاتك الّتي تعيش معك ، وأنتهز هَذَا الخيال لأطرح عليكم بَعْض الأسئلة الّتي سوف تبيّن لكم ما اذا كنا سوف نتقبل أو نرفض أن نتعايش مع أنفسنا .
هل تحب أن تعيش مَع ذاتك المستنسخة لبقيّة حياتك ؟ هل تجد جميع ما تفعله ذاتك المستنسخة مبرّر بالنسبة إليك ؟ هل ذاتك المستنسخة حريصة للسير بدروب السعادة ؟ ما هي أجمل صفات ذاتك المستنسخة الّتي تجعلك تتمسك بها ؟ ما هي أقبح صفات ذاتك المستنسخة والتي تجعلك تفكّر جدياً بعدم التعايش معها ؟ ماذا لو قدّر أن تدخل في جدال حول موضوع ما في وسائل التواصل الاجتماعي مَع ذاتك المستنسخة ؟ ماذا كُنت سوف تقول عنها بَعْد ذلك الجدال ؟ كيف سيكون حكمك علَى ذاتك المستنسخة وهي تقود السيارة ؟ كيف تقييم سلوك ذاتك المستنسخة مع زوجتك و أولادك ؟ كيف كُنت ستتحدث عَن ذاتك المستنسخة في العمل ؟ العديد مَن مواقف الحياة تنتج لنا كم هائل مَن الأسئلة والتي سوف تكون مجبراً للتحدث عنها وكل هذه الأسئلة وأكثر كفيلة بأن تجعلك تتعلم الكثير عَن ذاتك وعندها أنت مَن سوف يُقرر مَاذَا سيغير ويطور ويحسّن في هذه الذات المستنسخة ... فليعتبرها الْكُل جلسة تفكّر تفيد في الإجابة علَى سؤال رئيسي مهم (هل تتقبل ذاتك لو استنسخت لتعيش معك ؟)وجلسة مصالحة ومصارحة مع الذّات لبناء الذّات ، كلنا بين فترة واُخرى نحتاج لتقييم ذواتنا وتهذيب أنفسنا فمثل هذه الفرضيات سوف تجعلنا أقل كلاماً وانتقاداً لسلوك غيرنا وأكثر تتطوراً في بناء ذواتنا سوف تعلمنا الانشغال بأنفسنا والتركيز علَى بنائها واستكمال ما قَد ينقصنا . لعل هذه الطريقة من الطرق المجدية للخروج مَن الحجاب الّذي تستتر فيها ذواتنا تحت أقنعة تعلمنا ارتدائها مُنذ الصغر.
أخيراً الحُكم علَى النَّاس مزلق كَبِير يجعلنا نصدر أحكاماً دون معرّفة حقيقيّة و يجعلنا نغفل عَن أنفسنا ومراجعتها .
زبدة الْكَلام : قَال تعالى (بلِالْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) سورة القيامة ايه 14