المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
مصلح الخديدي
مصلح الخديدي

عذراً أخي سعادة المستشار أحمد السعدي



في كل يوم وليلة وقبيل إن اخلد للنوم ، واسلم روحي وجسدي المنهك من وعثاء الحياة لبارئها ، ومع نهاية الإعلان بمغادرة يوم وإستقبال يوم آخر من عمري في هذه الحياة ، وعندما أفكر أن أمتطي صهوت قلمي وأمسك زمامه بأناملي ، يباغتني النوم ، لأفيق مع شروق يوم جديد ، فيوم بعد يوم ، وعام بعد عام ، حتى أتت هذه اللحظة التي باتت بالنسبة لي ( لحظة حرجة) لحظة أعيشها وأشعر فيها بدنو الأجل ، أدركت فيها أنني على مشارف الستين ربيعاً ، وقد يكن الأجل فيها قريب ، والله أعلا وأعلم ، والأعمار بيد الله ، لحديث المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه حيث قال ( أعمار أمتي مابين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك ) فارى أن الساعات ، والايام ، والسنون تمر سريعاً، وأنا (لازلت عاجزاً)، لم أدوّن ولو بعض الشيء ، عن رجل قد بات حبه يسري مسرى الدم في العروق . رجل مع شروق صباح كل يوم يبدأ بإنجاز ومع كل غروب أجد له نجاح ، هذا الرجل ، كنت أرمقه بعيني في صمت منذ نعومة أظافره ، وما أن كبر حتى دنوت منه ، لأرى بأم عيني ، وهوا يكبر ، وتكبر معه إنجازاته ، لديه طموح لايقبل أنصاف الحلول ، دائماً يهزم المستحيل ، لم أره يوماً ينظر ليعد خطاه ، نظره معلق بالثريا في كبد السماء ، رجل يعشق النور، ويمقت الظلام ، رجل يسابق الطيور المهاجرة لأعالي قمم الجبال الشاهقة ..
فاليوم وبعد أن شارفت على الستين ربيعاً ، قررت أن أتخذ أصعب قرار في حياتي ، لأحسم الأمر ، ولأرتاح بقية حياتي ، وأخرج لهذا الرجل مايجول بخاطري ، فأمسكت بزمام قلمي ، وما أن وضعته على تلك الورقة ناصعة البياض ، حتى باغتني ( قلمي ) ليسألني ماذا تريد ياصديقي ؟ سؤال كالصاعقة لم أعهده من قبل ، أحدث رعشة في جسدي ، وأمواج تتلاطم في محيط راسي المستدير ، وكأنه على علم مسبق عن ما أشعر به ، فلم اجد جواباً لسؤاله المدوي ، وفضلت الصمت ، ولكنه أخذ يردد هذا السؤال مراراً وتكراراً ، وبعد جهد جهيد تنهدت تناهيد الصعداء ، ثم قلت له وأنا في حيرة من أمري ، هل مللتني ياقلمي ؟ قال: ما عاذ الله ، فانت صديقي ، قد وهبني الله لك ، تسيرني كيفما تشاء ، ولكن على رسلك ، وهد من روعك ، قلت : لا أريد منك اليوم أن تكتب بقهقهة الرعود ، ولا بلمعان البرق ، ولا بدموع العصافير ، بل أريد أن تكتب بحروف مبللة بدموع الفرح ، والفخر ، والاعتزاز ، ولتكن حروف بشهد العسل ، حتى اشعر بلذة التعبير ، فاليوم يوم حبيبي ، وقرة عيني ، بل جزءاً لايتجزأ من جسدي ، بالمختصر ، (هوا كل مافي الوجود) ، فتبسم قلمي إبتسامة عريضة ، وقال: هذا سهل جداً ، ولكن من ذاك الحبيب ياصديقي ، قلت: ( اخي المستشار: احمد السعدي ) . فلن أجد من يشعر ما بداخلي سواك ، ولن يساعدني في هذه الحياة ، إلا أثنان لا ثالث لهما ، يحركان وهج ما بداخلي من كلامات عندما احاول ان اكتب ( أناملي وأنت ياقلمي العزيز ) فأطبق الهدوء والصمت عليه طويلاً ، حتى شعرت أن قلمي لم يعد بقلمي ، أو أنه قد فارق الحياة ، وماهي إلا ثوان حتى عاد وقال : اعذرني ياصديقي ، فقد طرقت أبواب السماء ، وإستنطقت الكواكب في مداراتها، وتتبعت النجوم في مسارها ، وبحثت في المعاجم كلها، منذو أن نزل قوله تعالى : ( إقرأ بإسم رَبِّك الَّذِي خلق) ، وحتى هذه اللحظة ، فكل الحروف والكلمات قد توارت خجلاً ، عندما علمت أن هذا الرجل قد جاور الثريا ، عدت لك مسرعاً ، لأبلغك ولتبلغه سلامي وتحياتي ، وأعذرني ياصديقي .

ختاماً :
مهما قلت ومهما كتبت لك يا أبا عمر لن توفيك الكلمات حقك ..
يكفي أن أفخر بأخ مثلك .


image
بواسطة : مصلح الخديدي
 0  0  22.5K