اختلافنا وحوارنا
أحمد البريدي:
لاشك أن اختلاف الآراء و الأفكار و التوجهات و الاهتمامات شيء لا بد منه ، بل ركيزة من ركائز الطبيعة البشرية ، والأحداث و الشواهد على ذلك كثيرة سواءً على مستوى العقائد و الأديان ، أو على مستوى الاهتمامات و الأفكار و القناعات الشخصية ، ولكلّ رأي جمهوره من مؤيدين و معارضين ، و من تلك الشواهد في اختلاف الآراء ، قصص الأنبياء على مر العصور و الأزمنة فكل نبي من الأنبياء كان له مؤيدون و معارضون في نفس الوقت ، فإذن نتفق أن الخلاف من طبيعة البشر، و لكن بعد أن انقطع الوحي من السماء و انتهت مرحلة إرسال الرسل إلينا بنبي الهدى محمد صلى الله عليه و سلم لم يبق من ينور المجتمعات إلا علماؤها و مفكروها و مثقفوها ، و إن اختلفوا في أطروحاتهم ، و لكن حديثي هنا ليس عمّا يطرحه مشائخنا أو مفكرونا أو مثقفونا بل و حتى إعلاميونا ، حديثي هنا عن أسلوب طرحهم و مدى تقبل بعضهم لآراء بعض فتجد أن أحدهم يناقش آخر ، و لنجعل موقع ( تويتر ) مقياس لما نقرؤه هنا، فتجد أن الدكتور فلان طرح فكرةً أو أبدى رأيا أو اقترح حلا لمشكلة ما ، فيهب الآخر ليناقشه ، ثم يأتي الرد و سرعان ما يتحول النقاش إلى هجاء و سب و شتم و تخوين و تنشأ ( الهاشتاقات ) لإظهار عيوب هذا أو اتهام ذاك، و ينتهي نقاش هذين المفكرين أو المثقفين أو الشيخين إلى أن يصنف هذا أنه من أولئك و ذاك من هؤلاء ، مما يصيب القارئ و المتلقي لما يكتبه هذين المفكرين بالإحباط الشديد و الشعور بالخيبة لما وصل إليه مفكرونا من فقدان لثقافة الحوار، و احترام الرأي الآخر، و انعدام ثقافة الاختلاف لدينا.
* وإذا قلت لأحدهم أليس ما تقوم به هو قذفٌ و غيبة؟! ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده؟! فيقول لك بكل صفاقة : هذا من باب الجرح و التعديل لتبيين خبث ذاك أو التحذير مما يدسه هذا .
**أعتقد بأننا كقراء لمثل هذه الحوارات و النقاشات يجعلنا في حالة حيرة و إحباط، خاصة إذا كان هذا هو أسلوب من نعتبرهم ملاحي سفينة نجاة هذه الأمة، لا أقصد أحدا بعينه و لكن هذا ما نراه على موقع ( تويتر ) و في واقعنا بشكلٍ عام .
* *إنما الأممُ الأخلاق ما بقيت ,فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.