الخطر الإستراتيجي الإيراني
بعد أن هبَّ العالم وانتفض على خلفية إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن مدينة أورشليم القدس كعاصمة لدولة إسرائيل , يهيب العالم بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الآن بالتصدي لإيران وهيمنتها التي تفرضها على دول في الشرق الأوسط بقصد الإرهاب أولاً والتخريب ثانياً عن طريق منظمات إرهابية يدعمها الإخطبوط الإيراني لتحقيق مآربه في هذه الدول , إيران تتابع سيرها قدماً وتضرب عرض الحائط قرارات هيئة الأمم المتحدة , وتبيع أو توزع أسلحتها على المتعاونين معها من دول منطقة الشرق الأوسط , أسست ودعمت حزب الله في لبنان وكسبت الكثير من دفعها للأموال والعتاد في سبيل تدريبه وتقويته فخلقت بلبلة كبيرة في أوساط الشعب اللبناني والمجموعات السياسية في بيروت وأضعفت الدولة فاستعملت جنود حزب الله في الحرب السورية ضد داعش والنصرة على الأراضي السورية , وهذا عجيب جداً , تنظيم إرهابي يحارب تنظيم إرهابي آخر من أجل دولة لها سيادتها وحدودها السياسية , وهذه أحد مكاسبها في الشرق الأوسط بدعمها لدمشق كما وسمحت للحوثيين المدربين في معسكراتها تحول حركتهم من حركة اجتماعية تجتهد في إعداد المجموعات والشعب لحركة متمردة على السلطة اليمنية مقاتلة للجيش اليمني الشرعي وسيطرت على صنعاء وأمرتها إيران بإطلاق صاروخ طويل المدى على مطار في أراضي المملكة العربية السعودية كتحذير للملك والحكومة والشعب السعودي أنهم في المخطط الإيراني في المرحلة القادمة , واتفقت مع الحكومة الاتحادية العراقية لتمرر جيوشها وكل ما يلزمهم للحرب في الأراضي السورية وبغداد سمحت ووافقت لهم بالمرور من دون أي عراقيل فسارع الرئيس الإيراني الإعلان عن أربعة عواصم عربية في المنطقة تتلقى أوامرها من طهران وتخضع بشكل أو بآخر للإستراتيجية الإيرانية العامة في المنطقة , هذا الأمر ينطبق على الفكر الذي يتمحور حول تحقيق الحلم الإيراني القديم في بناء الإمبراطورية الإيرانية الفارسية من جديد على كل ربوع الشرق الأوسط كالتي كانت وحكمت في حينه لمدة 700 عام تقريباً.
إيران كانت وما زالت متمردة على الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط والعالم منذ ما يزيد عن خمسة وثلاثين عام مضت , وكأنها تريد مصارعة الدب في حين عندها متسع من الوقت والمساحة في التريث والخضوع لقراراته وكذلك وضعها الحرج في أنها لا تملك القوة والتي تمكنها من مصارعته , فهكذا تتصرف التنظيمات الإرهابية في العالم وإيران في هذه الحلقة تتصرف وكأنها تنظيم إرهابي يضايق الشعوب والدول الآمنة من جاراتها ويحاول كسب الوقت حتى تتسنى لها الفرص من بناء نفسها لتصبح دولة عظمى كباقي الدول العظمى في العالم من النواحي المادية الاقتصادية والتصنيع والعتاد والأجهزة التكنولوجية والأسلحة والصواريخ بعيدة المدى الباليستية وغيرها وأسلحة فتاكة أخرى كأسلحة المواد الكيماوية والنووية التي تهدد سلامة العالم بأسره , إيران لا تكترث لما يقال عنها ولا لما يفعل مجلس الأمم المتحدة وهي مصرة في تصرفاتها حتى لو هاجمتها كل دول الغرب والشرق معاً وهذه التصرفات تنطبق على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة دينياً , هذا والشعب الإيراني لديه الكثير من المشكلات في حياته اليومية وتكاد الأسرة الواحدة لا تجد قوتها اليومي لصعوبة الحياة فيها وما يمنع الشعب الإيراني من القيام بتظاهرات لقلب نظام الحكم فيها من الداخل قوة الأجهزة الأمنية لديها وفعالياتها الداخلية كحكومة ومؤسسات لا تسمح بالكثير من الأمور البسيطة المتعارف عليها في الشرق والغرب فالحرية للفرد والتعبير عن الرأي تكاد وتكون معدومة في إيران وكأن الشعب كله الذي يبلغ عدده قرابة المائة مليون نسمة عملة ذات وجه واحد ومن الصعب جداً أو شبه مستحيل أن يقوم الشعب بانقلاب لتغيير نظام الحكم فيها وكل محاولة تبوء بالفشل الأكيد لذلك لا يجرؤ أحد بالقيام بهذه الحظوة , إيران تؤكد لهيئة الأمم المتحدة والعالم أنها لا تجتهد في كل المجالات النووية وصناعة الأسلحة وخاصة الصواريخ إلا أن تأكيدها يوقعها المرة تلو الأخرى في مطب دولي حيث أن هذه الدولة التي تسعى لتصبح دولة عظما لا تكشف النقاب عن أمور كثيرة طلبتها منها هيئة الأمم المتحدة وبهذا تتعمد الكذب والمراوغة لشعوب وأمم العالم ولهذا لها الكثير من الأعداء حتى في الدول النامية الصغيرة نسبياً , إن رفضها لقرارات هيئة الأمم المتحدة وتأكيدها أنها لا تجتهد في صناعة الأسلحة الفتاكة وخاصة النووية يفهم أنها تستمر في مراوغة العالم كله وهذا بحد ذاته إشارة واضحة أنها تكترث ولا تهتم لما يقرر مجلس هيئة الأمم المتحدة فإطلاق صاروخ أو أكثر بعيد المدى اتجاه دولة آمنة كالمملكة العربية السعودية على يد الحوثيين من الأراضي اليمنية يعتبر خرق لكل القوانين والقرارات المتعارف عليها دولياً فلن يطلق حزب الله الحوثي الإرهابي المدعوم من دولة تناصر الإرهاب كإيران إلا بعد أن قررت إيران ودرست الخطوة والخطوات القادمة بعدها , هنا تحاول إيران إنقاذ حزبها حزب الله الحوثي الإرهابي لأنه في وضع حرج جداً إزاء الجيش الشرعي للحكومة اليمنية الشرعية التي تلاحق الإرهابيين لتحد من سيطرتهم وفعالياتهم على كل الأراضي اليمنية والسعي لمنعهم من القيام بالمجازر الجماعية للشعب اليمني ولأبناء القبائل التي تساند الجيش اليمني الشرعي في تأدية واجبه اتجاه الحكومة والوطن , قضية الصواريخ التي تصنعها إيران وتقدمها للذين يساندونها بدون شروط هي حالة استثنائية لدولة إرهابية تجول وتصول في الشرق الأوسط بدون منازع وعلى هيئة الأمم المتحدة والحلفاء في الغرب تجنيد أكبر عدد ممكن من الدول وإرسال أكبر عدد من الجنود للشرق الأوسط لحمايته من الإخطبوط الإيراني الذي يمد أذرعه لكل مكان يستطيع ويستغل الحالة الدينية العقائدية في مركز الأمور ليشعل نيران الفتن بين سني لشيعي من جهة ومسلم ومسيحي ويهودي من الجهة الأخرى مستغلاً لضعف الشعوب في الشرق الأوسط من النواحي المادية الاقتصادية من جهة والنواحي الفكرية العقلانية من الجهة الأخرى حيث لا تستطع شعوب دول الشرق الأوسط الإتحاد حول قائد واحد أو فكر راق واحد منذ بداية الربيع العربي , طهران لا تخاف توريط نفسها في حرب شاملة عالمية مع كل دول العالم فقد ورطت الحوثيين في اليمن وحزب نصر الله ما زال يقتل وينهب ويعدم المعارضين له ليل نهار وكذلك ورطت حزب الله في حرب ضروس في سوريا ولولا الحكومة اللبنانية العقلانية التي تفكر بمفاهيم الغرب وتعطي قيمة عظمى للإنسان وكرامته ولفكره لنشبت حرباً أهليةً في لبنان من جديد لا تحمد عقبتها والمتسبب بهذه الحرب ليس إلا حزب الله بإذن من الإخطبوط الطهراني.
إيران تتضايق جداً من تسمية الخليج الفارسي بالخليج العربي وهذا الإخطبوط الفارسي يريد السيطرة على بحر العرب والخليج العربي بأي ثمن كي لا يضايقها أحد وبطبيعة الحال لا يضايق جيشها وسفنها أحد في الخليج فهذه هي المياه الهامة جداً لإيران لبسط سلطانها على المنطقة دون ما منازع عن طريق المياه الحارة الإقليمية التي هي منفذها للخروج لكل دول العالم بالبضائع والصناعات لتصديرها وكذلك لاستيرادها , هذا وتقف الدول العربية من عمان وحتى الكويت لإيران بالمرصاد فطورت هذه الدول نفسها وطورت موانئها لتستوعب السفن الثقيلة من ناقلات للبضائع عبر البحر وهذا الأمر يضايق إيران لأنه يتم بدون أي تنسيق مع الإخطبوط الإيراني الذي يكمن لفرائسه بالمرصاد لساعة تمكنه من بدء امتصاص دمها ولفرض سلطانه وهيمنته عليها بالقوة.
الغرب (وخاصة أمريكا) يحاول توحيد صفوفه لتجنيد دول كثيرة حول فكرة التصدي للإخطبوط الإيراني ولن تتحرك أمريكا ودول الحلفاء إلا إذا شعروا بخطر يهدد الدول المساندة لهم في الشرق الأوسط وهذا الخطر يهدد مصالحهم في الشرق الأوسط , على دول الغرب المتحضرة أن تفهم إن لم تحارب التنظيمات الإرهابية المبنية على التطرف الديني في بلادها مكان نشأتها ستصلها هذه التنظيمات الإرهابية إلى بيتها وعقر دارها وتمارس الإرهاب في حدود دولتها ولن ترحم هذه التنظيمات المتطرفة دينياً لا كبير ولا صغير لا كهل ولا امرأة فكلهم في نظرهم من الكافرين الذين لا مكان لهم في هذه الحياة ويستوجب على هؤلاء المتطرفين دينياً قتلهم والفتك بهم بأبشع الطرق وبدون رحمة , على هيئة الأمم المتحدة ودول الحلفاء في الشرق الغرب التحرك السريع كي لا يفوته القطار وفي النهاية المضرة ستكون أكبر للعالم بأسره.
هذا اقتراح لهيئة الأمم المتحدة ودول الحلفاء لمعالجة القضية الإيرانية:
أ*. طرد إيران وكل ممثليها فوراً من هيئة الأمم المتحدة وفرض عقوبات مضاعفة عليها لعدم تنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة حتى الآن.
ب*. عدم السَّماح للسفن الحربية والتجارية الإيرانية وغيرها الخروج للمياه الحارة الدولية والالتزام بالمياه الإقليمية الإيرانية فقط.
ت*. عدم السماح للطائرات الإيرانية من ناقلات للمسافرين والبضائع وطائرات حربية الإقلاع لأي دولة لمدة ثلاث شهور.
ث*. إعادة كل المسافرين الإيرانيين إلى بلادهم بدون استثناء.
ج*. تحريك أساطيل الحلفاء وجيوشهم للخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط للتأكد من تنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة والحلفاء.
ح*. منع الدول المستهلكة للنفط عن طريق إيران من التعامل مع إيران وتأمين النفط لهم من دول أخرى.
خ*. فرض طوق أمني خارج إيران وداخلها كي لا تتمكن من الاستمرار في صنع الأسلحة والصواريخ والتسلح النووي.
د*. معاقبة كل الدول التي تخالف قرارات هيئة الأمم المتحدة وتتعامل مع إيران , كأنها إيران ذاتها , فمن يتعامل مع الشيطان هو شيطان بنفسه.
لتنفيذ هذه القرارات والبنود أهمية كبرى لتحجيم هذا الإخطبوط الإيراني المتوحش المتعطش للدم والإرهاب , وعلى العالم كله أن يتذكر دائماً أن الحرب الباردة التي مر بها الغرب قبالة الشرق (الحلفاء والولايات المتحدة الأمريكية قبالة روسيا ودول غرب أوروبا) قد انتهت والعالم اليوم بعيد كل البعد عن مثل هذه الحروب الهادئة الباردة العالم اليوم ديناميكي ومتحرك ويمتلك ما فيه الكثير من قوى الشر والظلم والظلمات قبالة قوى الخير والنور والحياة وفي حين نقدس نحن الحياة هناك في هذا العالم الغريب العجيب من يقدس الموت وإن لم يستفيق العالم اليوم من غفلته سيأتي يوماً يتعامل العالم بأسره مع هذا الإخطبوط الإيراني بأصابع من حرير خالص خوفاً من أن يغضب وعندها سيمتلك هذا الإخطبوط الأسلحة غير التقليدية ويصعب تحجيمه ويصعب التعامل معه وستكون الساعة متأخرة جداً , فهذا الإرهاب الإيراني الذي يحارب الإرهاب في سوريا صدر خمسين كتيبة للحرب هناك ويضحي ليل نهار في حربه ويخسر الكثيرين من ضباط جيشه وجنوده ويعتبر هذه الحرب حرب للجهاد , وبنفس العملية أرسل ما يزيد عن خمسة كتائب لمساندة منظمة حزب الله الحوثية الإرهابية في حربهم الانقلابية ضد الحكومة اليمنية الشرعية وجيشها الشرعي.
في النهاية أكثر شعوب وأمم العالم تريد الحياة بسلام وأمان , تريد التطور والنشوء والارتقاء في مسارات الزمن , تريد العيش بحرية وديمقراطية حتى العرب والعجم الشرق والغرب إلا أن تحقيق الأحلام التي باتت مستحيلة يدفع ببعض الشعوب في العالم لاتخاذ خطوات لا تناسب روح العصر والحضارة المعاصرة فتتجه نحو التطرف الديني وتفسد على شعوب وأمم العالم كل شيء.