اليوم الوطني السعودي عز وشموخ
إن الأيام الوطنية للدول هي مناسبة مجيدة لاستحضار أمجاد الماضي وبطولاته وما بذله الآباء والأجداد من جهد مضن وعمل دؤوب حتى يورثوا للأجيال التي تليهم منجزات وحدة وطنية وهي مناسبة كذلك لإدراك إيجابيات الواقع ومنجزاته والدفع باتجاه مستقبل أزهى وأبهى وتحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني لتوحيد المملكة في 23سبتمبر من كل عام وهو يوم صدور مرسوم الملك عبدالعزيز بتوحيد المملكة العربية السعودية حيث صدر في 17 جمادى الأولى, 1351هـ مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر, 1932 يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية. وكان فجر الخامس من شهر شوال من العام 1319هـ قد شهد استعادة الموحّد الملك عبد العزيز -رحمه الله- مدينة الرياض، عاصمة المملكة اليوم، لتكون أولى لبنات هذا البناء الذي حقق قفزات تطور هائلة في عمر يعد قصيرا مقارنة بحضارات الدول. وأصبحت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز ذات مكانة دولية خاصة حيث انضمت إلى العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية. وتفتخر المملكة العربية السعودية بكونها بلدا لم تطأه قدم محتل ولم يحكمه مستعمر قط، وهي قبل الوحدة كانت مناطق متناثرة وقبائل متناحرة حيث لا استقرار ولا أمان ولا دولة، ولكنها تحت قيادة الملك عبد العزيز وجنوده المخلصين من كل مناطق ومدن وقبائل المملكة عرفت طعم الوحدة ورفلت في ثياب الأمن والاستقرار عقودا وعقودا وكانت السعودية من أوائل الدول التي وقعت ميثاق هيئة الأمم المتحدة عام 1364هـ (1945م) وأسهمت في تأسيس العديد من المنظمات الدولية التي تهدف إلى إرساء الأمن والاستقرار والعدل الدولي مثل جامعة الدول العربية في عام 1364هـ (1945م) إن الشرعية السياسية السعودية الراسخة تزداد رسوخا مع الأيام، والنجاحات والإنجازات والإصلاحات الكبرى تشدها بأواصر الوطنية المخلصة والحلم الدائم بمستقبل أفضل فخارجيا فرضت نفسها كقوة إقليمية كبرى وأكبر داعية للسلام في العالم وعلى الصعيد الداخلي لم تزل مشاريع التنمية على قدم وساق في كل المجالات وعمليات التطوير المتدرج والمدروس تشمل القطاعات الأكثر أهمية وحيوية للمواطنين.إن الاحتفال باليوم الوطني ليس مقتصرا على المنجزات السياسية أو الحكومية بل هو احتفال بالدولة والشعب، بالوطن والمواطن، اليوم الوطني فخر بالمنجز الماضي وتفان في العمل في الحاضر وحلم بالمستقبل، وهو تجديد للولاء والانتماء للمحبة الخالصة، ويزيده بهاء استحضار أهمية الاستقرار والأمان في خضم اضطرابات كبرى وفوضى عارمة تجتاح أكثر دول المنطقة.
لقد واجهت الدولة منذ إنشائها الحديث الكثير من التحديات الداخلية والخارجية وقد استطاعت بكل اقتدار تجاوزها جميعا وأثبتت على الرغم من ضخامة التحديات وعظم الصعوبات أنها قادرة دائما على اجتيازها وتذليلها. وفي كل عهود القيادة في السعودية كانت البلاد موفقة لقائد يرعاها ويحميها، فخاض الملك عبد العزيز ورجاله ملحمة التوحيد بكل آلامها ومآسيها وقد بذلوا الغالي والنفيس حتى استوت البلاد على سوقها وقامت الوحدة على أساس راسخ ورايات مظفرة منصورة. وقد توالى أبناؤه البررة من بعده في الحكم وحماية البلاد وتطويرها في كل المناحي العلمية والصحية والاقتصادية والعمرانية والسياسية وصولا للملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله . الذي يشهد الجميع منجزاته وتمتلئ قلوب المملكة العربية السعودية محبة وتبجيلا له، لقد بادلوه حبا بحب ووفاء بوفاء. فهذه الذكرى " السابعة والثمانون" التي يستعيد فيها كل مواطن ما قام به الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – يرحمه اللـه- وأبناؤه من بعده من جهود مباركة لوحدة القلوب والوطن في هذا الكيان الشامخ المملكة العربية السعودية التي تنعم منذ ذلك اليوم بالأمن والاستقرار رغم كل التحديات. وبهذه المناسبة أود أن أهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز والأسرة المالكة وكافة أبناء الشعب السعودي بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا التي نسترجع فيها ما تحقق من انجازات سابقت الزمن وعمت كافة أرجاء الوطن حتى أصبح للمملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في المجتمع العربي والإسلامي والدولي.ويُعد هذا الاحتفال صورة صادقة من صور الوفاء لما قام به الآباء والأجداد من جهود عززت مستوى الرفاهية، وتوفير سبل العيش الكريم لأبناء هذا الوطن من خلال تنمية اتسمت بالشمولية والتكامل لتحقق معدلات نموٍ عاليةٍ في مختلف القطاعات والأنشطة. وفي الختام أسأل اللـه أن يعيد هذه المناسبة أعواماً عديدة وبلادنا تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء في ظل قيادتنا الحكيمة، وأن يوفقنا جميعاً لتحقيق تطلعات ولاة الأمر وأبناء هذا الوطن الغالي.