الجمَل الحكيم والعمل العقيم...!
يُحْكى أَنّهُ قَدْ كَانَ هُنَاك جمل حَكِيم وهَذَا الجمل لهُ مِن الوسامة وَحُسْن الخَلْق الكَثِير مما جَعل جَمِيع الْإِنَاث مِنْ حَيوَانَات الصّحْرَاء تَعَشُّقه وَتَتَمَنَّى الْاِرْتِبَاطُ به وفي يوم مَنِ الأيام وُقِّعَت فَأْرَة شَابَّةُ فِي حَبة وَقَدْ كَانَت تَمَلُّك مَنِ الْجَراءَة مَا خَوَّلَها أَنْ تبدي لهُ اعجابها وَتَطَلُّبُ منه التعرف عليها بَيْن أهْلهَا وفي مُنْزَلِهِمْ فقدمت دَعْوَةُ صريحة للجمل لِزيارتهم، قبل الجمَل الحَكِيمِ الدّعْوَةَ وَذَهَب الِيهَا فقابلتَه عِنْدَ الْبَاب وَهِي بِكَامِل أَنَاقَتهَا، وَلَكُنَّ لِقَدْ كان الْجُحْرُ صَغِيرًا جدًا وَلَا يَتْسع للجمل لِلدخُول فِيه، وَلَكِنهَا كَانَتْ تَطَلُّبُ الْمُحَاوَلةِ. فَأَجَابَهَا الجمَلُ الحَكِيم أَنَّ عَلَيهَا أَنْ تَجَدَّ مُنْزَلًا يليق بِمَحْبُوبِهَا أَوْ تَحَب مِنْ هُوَ بِحَجْمِهَا. قُصَّةٌ هَذَا الجمَلَ الحَكيم تَذْكُرِنَّي بِوَاقعِ الخَدَمات النفسية بِوزَارَة الصحة فالحقيقة أَن الوِزَارَة تُطَالِب تَفْعِيل العَدِيد مِن الْأُمُور البرامج وَالَّتي لَا يَمكُن تَطْبِيقِهَا بَلْ يَسْتَحِيل فِي ظَل النُّقَّص الشَّدِيد فِي مَجَالَات شَتَّى ، عَلَى سَبيل المَثَّالِ أَصَدَرْت الإدارة الْعَامة للصحة النفسية وَالْاِجْتِمَاعِية فِي نظَامِ الرعَايَة النفسية حُقوق المريض النَّفْسِي أَن مِنْ حقة الْاِسْتِعَانَة بِرَاقِي شَرْعِي بِشَرْطٍ أَنْ يُكَوِّن مُرَخَّصٌ وعلى الرغم من اتفاقنا أو عدمه مع ما ذكر الا أنه حَتَّى الْآن لَا يُوجِد جِهَةُ تَصْدِر تراخيص لِلرُّقَاة بَلْ أُن النظام يَتَضَمن نَمَاذج ذَكَرت ولم تصدر مُنْذُ عامين. ايضًا قَدْ تٌصدم عَزِيزِي القَارِئِ عَنْدَمَا تعلُّمِ أَن بَعْض الْمُسْتَشْفَيَات الْمُتَخَصِّصَةَ فِي الصحة النفسية لَا يُوجِد بِهَا عِيَادَات خَاصَّة وَمُجَهِّزَة لِلعِلَاَج النَّفْسِي المَوْجُود فَقَطُّ عِيَادَات مُخَصَّصَة لِلعِلَاَج الدَّوَائِي، لَكُمْ أَنْ تَتَخَيَّلُوا أَن الأخصائيين النَّفْسِيَّيْنِ مازالوا يَعْمَلُون مَن غَيْر قَسْم نِظَامِي ومَن غَيْر تَنْظِيم فِي المُسْتَشْفَيَات العَامة والتخصصية غَيْر النفسية وَجَلِّهِمْ يُمَارِس دور الأخصائي الْاِجْتِماعِي.
لقد عمِلت إِدَارَة الصحة النفسية والْاِجْتِمَاعِية عَلَى اِسْتِحْدَاث عِيَادَات لِاِضْطِرَابَات النُّمُوِّ وَالسُّلُوك ( فُرِطَ الْحَرَكَة، التوحد وَغَيْرَهَا) وَحَدَّدْت كَيْف وَأَيْن يَكْوُن موقها وَلِمِنْ تَتَّبِع( أَيُّ الْمُسْتَشْفَيَات) وَكَمْ عدِّد كادرها الْمُشَغِّل وَلَكُن هَذِه الْعِيَادَات مُنْذُ مَا يُقَارِبَ الْخَمْس سنوَات وَأَكْثَر مَشْلُولَة تَمَامًا فَلَا يُوجد عَدَد كَافُّي مِنْ بَعْضِ التخصصات مِثْل أخصائيين العِلَاَج الوَظِيفِي أَوْ أخصائيين التخَاطُب بَل يُوجِدَ غُيَّاب تَام فِي بَعْضِ التَّخَصُّصَات الْأُخْرى.
أخيراً نَحْنُ بِحَاجَة فَعَلِيَّة لِأَنَّ يَنْزَل المَسْؤُول لِأَرض الْوَاقِع يَجب أَنْ يَقِف بِنفسة عَلَى اِحْتِيَاجَات الْمُسْتَشْفَيَات لِتَطْوِير العِلَاج النَّفْسِي أو يستعين بمن هم داخل المجال وممارسين، أَما أَنْ يكتفى بَعْض الْمَسْؤُولِين بنسخ وَتَرْجَمَة تَجَارِب وَمُحَاكَاة بَعْض الدُّوَل ممن تختلف عن ثقافتنا وواقعنا الفعلي دُون أَنْ يقدر الحقائق فَهَذَا بالضبط كطلب الْفَأْرِ مِن الجمَل الدخول لِمَنزلة.
خِتَامًا لِلمَجْلِس الصحي السُّعُودِي بالتعاون مَع جَامِعَة المُلَّك خَالِد بَرْنَامَج قَدْ بدأ بِالفعل الجمِيل فِي هَذَا البَرْنَامَج أَنهُ يَدْرُس تَطْوِير عَمَل الأخصائي النفسِي مِنْ وَاقِع زِيَارَات مَيْدانِية وَلِقَاءَات مع العَامِلِين وَالخبراء بِالمُسْتَشْفَيَات وَمِنْ جَانِب أُخَر مَع أَسَاتِذَة الجَامِعَات المُخْتَصِّين أَتَمَنَّى أَنْ يَكْوُن هَذَا البَرْنَامَج الضوْء الْبَاعِثَ لِلْأَمَل فِي هَذَا النفق المُظْلِم.
زُبْدَةُ الْكَلَاَمِ( الْإِخْلَاَصَ سَبْعَةَ اعشار النّجَاحَ فِي الْعَمَلِ)