* **نُصاب بالألم عندما أصبحت داعش وراعش ودافش ونافش وطافش قوة عظمى، تدخل حدود دولة ذات سيادة، وقد صُرف مليارات الدولارات على جيشها العروم، فتحل هذه الداعش وتقتل وتشرد وتغرد في المكان وحيدة، و لا يصدها أحد ولا يردها.
فلم يكن لداعش إن كانت موجودة بهذا الاسم بالفعل ولا لغيرها ، من وطأة أو سطوة، لولا تخلخل الداخل وتزلزل أقدام سياسييه، وتقلقل أوضاعه الاجتماعية، فالأمراض الفتّاكة لا تغزو إلا جسماً ضعيف المقاومة، وما حصل ويحصل وسوف يحصل في العراق هو نتيجة هذه الادعاءات والافتراءات والهراءات، والخوض في معارك سياسية على حساب الشعب المغلوب على أمره, وتاركين "القرعة ترعى" ولا من حسيب ولا من مصيب، فالكل غارق حتى أذنيه في الكذب وتبذير الجهد في صراعات لا أول لها ولا آخر. وفي النتيجة، فإن العراق اليوم مهدد، ليس من داعش فحسب وإنما من غيره.
وغيره هو عنصرية شوفينية بغيضة كارهة لكل ما هو عربي، ناقمة على أبناء المنطقة، وكل ما يدعيه ويفعله هو من أجل الاستيلاء وتقليم أغصان دولة كانت بالأمس هنا، واليوم رحلت، رحلت حضارة وثقافة ومكانة وصيتاً وصوتاً، ولم يبق منها سوى جزر متباعدةً ومتناحرة، وفي نهاية صراعاتها تقوم بتقديم الولاء والطاعة لهذا الغير، هذا المتربص والمتلصص والمتفحص والمتخصص في سرد الأوهام وقلب الحقائق ليس على صعيد السياسة فقط، وإنما تجاوز ذلك ليصل الى العقيدة، ويمس الرمزية في وجدان الإنسان في هذه المنطقة.
العراقيون اليوم مطالبون بوقفة وعي ونباهة بأهمية العراق ومصيره وأولويته فوق كل الإعتبارات الطائفية والسياسية والعرقية، العراقيون مطالبون بأن يدحضوا مزاعم السياسيين ويواجهوا التدليس بصراحة وطنية بما يوازيها من جسامة الأوضاع وحجم مأساويتها، العراقيون مطالبون أن يكشفوا حقيقة ما يحدث في بلادهم و ليسوا في حاجة إلى مراكز دراسات خارجية، تفسر وتأول وتهول وتطول، فالأمر واضح تماماً وضوح الشمس، ما يراد للعراق، هو مزيد من التشطير والتجزئة، ما يراد للعراق هو أن يظل هكذا في مأزق الطائفية البغيضة، لتنمو الفطريات في مستنقعاته وأنهاره الملوثة، بالدماء المخثرة، والأجساد المبعثرة.
العراقيون لا خيار أمامهم سوى إنقاذ بلادهم من الهلاك الطائفي، وإيقاف نزيف المبادئ وسيلان القيم والاقتناع بأن دم العراق المراق، لا يغسله إلا عراق آمن بحب العراق وتلاوة نشيد السياب.
العراقيون مطالبون بإفشاء الحُكم عراقياً فراتياً، ينبع من شماله ويصب في جنوبه.