ياروح مابعدك روح
*
نحن في هذه الدنيا نركض ونتسابق ، نخسر الروح و يمرض الجسد ، تشقى الأنفس وهي تلهث وراء حطام الدنيا ومفاتنها ، وفي نهاية اليوم الكل يحسب أرباحه وخسائره .
لم يسلم من ذلك أحداً منا . ( وتحبون المال حباً جما ) كل له محبوبه ومطلوبه تناسى في سبيله روحه الجميلة ، و نفسه الصافية ، وجسده اللين . توتر بعد توتر ، تعقيد إثر تعقيد ، أزمات مالية ، وحوادث مأساوية ، وأخبار مفزعة ، ومقاطع مرعبة . أصوات و مناظر مخيفة ، شقاق ونفاق وسوء أخلاق ، وغياهب من اللهيب الإجتماعي ، مدارس و دوامات ، وإختبارات ، وإجتماعات ، ومشاريع ، ومناسبات ، وأسواق ، ومولات . زحام شوارع ومخالفات . وذاكرة الروح يومياً تزيد بمخلفات التقنية وكَبد العيش . إنسان اليوم قد تحول لآلة إلكترونية ، نسي عظامه ، ولحمه ، وعصبه ، وروحه الشفافة الرقيقة .
عزيزي القاريء :
إننا نسابق الوقت ويسبقنا إستعجال دائم ، وقلق مستمر . تعلمناه وعلمناه لغيرنا . إنه روتين الإضطراب اليومي ( إن سعيكم لشتى ) .
عزيزي القاريء :
لقد نسينا حقوق أنفسنا ، نسينا سلامنا الداخلي ، تجاهلنا إحتياجات أرواحنا ، غفلنا عن لحظات السكون ، وأحلام التأمل ، ونظرات الصفاء ، نفر من أرواحنا وهي ألصق ما يكون بنا ، إلى أبعد الأشياء . إلى لا شيئ ، فقط للهروب من إلحاحات النفس المستمرة . التي تنشد بعض الاستجمام ، وقليلاً من الراحة ، تطالبنا بانعكاس النظرات إلى دواخلنا ، وعندما نصر على تجاهلها وقطع كل إتصال بها تبدأ أجسادنا بالألم وصحتنا بالسقم ، كل ذلك نصرةً للروح المجروحة ، والشقية لشقاء صاحبها ( ولنفسك عليك حق ) .
عزيزي القاريء :
لقد زادت أشغالنا ، وزادت أمراضنا ، وكثرة مستشفياتنا .
يضيع الوقت ، والعمر ، والمال . في طلب التشخيص الصحيح ويعجز الطبيب . لأنه كذلك نسي الروح وجاء يعالج الجسم .
عزيزي القاريء :
كيف تحس أروحنا بالإنسجام وهي ضحية القمع منا ، والخوف والهلع .
فعلى جنبات الطرق نجد كل يوم صرعى الحوادث ، وعلى رسائل الجوال قصص الحزن ، وعلى واجهات التلفزة نشرات الدماء ، والأشلاء . ثم ننام لنرى خيالات جميلة .
عزيزي القاريء :
هناك عدد من الأسئله تحتاج منك الإجابة عليها .
هل تأملت روحك ؟
هل اعتنيت بها ؟
أتحب روحك وتريد رقيها ؟
إننا مهما حاولنا أن نعرف عن الروح نظل غير مدركين لها ( قل الروح من أمر ربي وما أتيتم من العلم إلا قليلا ) .
عزيزي القاريء :
عد بروحك لخالقها ومولاها ، عد بها لجو المناجاة ، وللصلاة الخاشعة ، وللتلاوة المتدبرة ، وللبر وللصدقة ، وللعطف ، وللخير .
عزيزي القاريء :
روحك فطرية المنشأ ، تحب الطبيعة بأجراسها ، تحب خَضار الأشجار ، وألوان الثمار . تحب النسائم المهاجرة من أبعد سحب الكون وأرفع مقام للسكون . لماذا لا تأخذها هناك .
عزيزي القاري ء :
روحك تهوى رياضة معينة ، تهوى كلمات الشعر ، تهوى أقلام الكتابة ، تهوى ريشة الرسم ، تهوى بندقية الصيد ، تهوى الأمواج ، تهوى النشيد وترديد موسيقى الأوزان . فلماذا لا تأخذهاهناك .
عزيزي القاريء :
تأكد أن روحك هي مصدر جمالك ، وصحتك ، وعافيتك . فلماذا لاسافر بها ، بعيداً عن البغض ، والحسد ، والحقد ، و الجشع ، والطمع ، والندم ، و التحسر . إحجز لها مقعداً في صفوف المتفائلين ، وخذ نفساً عميقاً لا تبقي مكاناً في صدرك للسلبية . وإعترف ( لنفسك ) بتقصيرك بالجوانب الروحية . عزيزي القاريء :
مارس رياضة محببة وعلم من حولك إن أردت ، كيف يعتنون بأرواحهم كما يعتنون ببطونهم ، ومظاهرهم .
ختاماً :
لقد أثقلت عليك بكثرة ( عزيزي القاريء ) لان روحك عزيزة فياروح مابعدك روح .