الكرم المستعار
لقد ظلمنا أنفسنا في هذا الزمن ، عندما أضعنا التزاور والمسيار والسؤال عن أحوال بعضنا البعض من أجل كرم ( مستعار ) حتى كاد أغلبنا لا يعرف بيوت أحبابه وأقاربه وأصدقائه وجيرانه . لم يعد أحداً منا يتذكر أخر زيارة قام بها لمن يحب ، الا بالمناسبات الرسمية أو الأعياد فقط . وربما كانت في أماكن عامه في إستراحة أوماشابه ذالك ، بعيداً عن البيوت ..
لقد حولنا تلك الزيارات من البساطة والتواضع التي كنا نعهدها فالسابق الى التوسع في ( الكلفه ) وآخذ جانباً من المفاخرة بتقديم الضيافة وكثرة المبالغة التي قد أفسدت فرحة اللقاء ، حتى أصبح التزاور بيننا هماً وعناء عند أغلبنا ، فبدلاً من أن يكن فرحاً وسروراً وإشتياقاً لتلاقي الاحبة ، في وقت لم يذهب الناس لبعضهم من مجاعة ليأكلو مالذ وطاب عند بعضهم البعض ، و إنما للأنس والمحبة وزيادة الالفة والصلة التي أوصى بها الرسول الكريم ..
فقد يصر البعض على أن لايدخل بيت زائره إلا وبيده شيء ما ، وهذا أمر محمود وفعل طيب ( تهادو تحابو ) وأيضاً صاحب البيت قد يرهق نفسه وأهله ويفرغ كل مافي جيبه من أجل زائر (حبيب ) لم يكن يريد من وراء الزياره إلا رؤية حبيبه أوتفقد أحوال قريبه ، وهذا ايضاً أمراً محمود وطيب ، فالكرم من ( شيم العرب) ، ولكن دون مبالغة ..
إن كثرة المبالغة أدت الى قلة طرق الأبواب وتزاور الاصحاب والأحباب وكثر التلاؤم والعتاب ، وأصبح الضيف ثقيلاً عندما ذهبت البساطة وطغت الكلفة ..
إن الكرم أمراً هين ، وجه طلق وكلام لين ، وجلسة على كوب ماء خير من تاخر البركة عن بيوت غاب عنها طرق الباب ..
يقول الشافعي رحمه الله : أثقل إخواني على قلبي من يتكلف لي وأتكلف له ، وأحب إخواني إلى قلبي من أكون معه كما أكون وحدي .
ختاماً :
زوال الكلفة يزيد الألفة .