رمضان وتهذيب النفس
رمضان شهر الخير فيه يتمتع الإنسان المسلم بمميزات عدة حيث يمتنع الإنسان المسلم طوعا وامتثالا لأمر ربه عن الطعام والشراب طمعاً بوعد الله كما يصوم عن فاحش الكلام فيكون هذا الشهر الكريم شهر تهذيب وتربية ربانية لهذا الإنسان المسلم هنيئا للمسلمين بلوغ هذا الشهر العظيم. في شهر رمضان يكون ما يسميه العلماء الجهاد الأكبر (جهاد النفس). أهل الصحة يقولون أن ٣ تمراتٍ ورُبع ساعة من الهدوء وشرب الماء تقي الإنسان من المضاعفات الجسدية التي تؤثر على الصحة . فإن للصيام فوائد صحية تحدث عنها الأطباء كثيراً، ومنهم من قارنها بأنظمة الصيام أو التجويع الطبي المختلفة والمقصود منها معالجة مختلف أنواع الحالات الصحية عند المريض، فوجدوا في الصيام الإسلامي فوائد صحية تنطبق على عموم الناس وتراعي حالاتهم الصحية ومنها: * إراحة الجسم من هضم الغذاء وإتاحة الفرصة لاستهلاك المدّخر منه وطرح السموم المتراكمة من دون مشقة أو عناء للجسم. * التوازن القائم بين دورتي البناء والهدم بتناول وجبات الفطور والسحور والامتناع عن ذلك أثناء النهار مما يساعد على التجديد السريع للخلايا ومكوناتها وتوفير القدر اللازم منها لإنتاج جلوكوز الدم أثناء النهار وتوفير الأحماض الأمينية الحرة في بلازما الدم. *تخلص الجسم من الدهون بطريقة طبيعية آمنة دون حدوث تشمع الكبد كما في التجويع الطبي وتنشط عمليات الكبد الحيوية فيقوم بتصنيع البروتين والمواد الدهنية الفوسفورية. لذلك قيل: «صوموا تصحوا». والصيام ليس فقط إمساكاً عن الطعام من الفجر إلى غروب الشمس بل هو أيضاً صيام الجوارح وتعويد النفس بالامتناع عن المحرمات بجميع أنواعها. من هنا نعلم أن الصيام فرصة كبيرة لتعويد النفوس على الطاعات التي أمرنا بها الإسلام وحضنا عليها. ومما ورد في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» إن في الامتناع عن الأكل والشرب فائدة عُرِفَتْ ووضّحها العلم عن فائدة الصوم لدينا نحن المسلمين، لأننا نمتنع عن كل شيء يؤكل أو يشرب مهما كان وبعض الديانات عندهم صيام كما أخبرنا رب العزة والجلال بذلك بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (سورة البقرة: الآية 183). البعض من غير المسلمين يصوم ضد نوع من الأكل كأن يمتنع عن أكل الحوم مثلا أو عن شيءٍ آخر ويعتبر ذلك صوما وبالطبع لا يعنينا أمرهم فالحمد لله على نعمة الإسلام. ومما عرف عن الصيام أنه يهذب النفوس ويؤدبها ويرققها ويسلك بها سبل الرحمة. أتساءل هنا هل شهر الخير أدبنا وهذبنا؟ هل امتنعنا عن قول السوء والتلفظ به؟ نخرج لقضاء حوائجنا في نهار رمضان فنتعجب مما نسمع من البعض وهم عابسين الوجوه تخرج منهم ألفاظ غير مهذبة تتسابق ألفاظ الشتم من أفواههم كأن الصيام فقط عن الأكل والشرب وليس عن القول الفاحش وكتم الغيظ ، لم نسمع ممن اعتلاه الغضب يقول : اللهم إني صائم ويمضي ساكتا طائعا لأوامر رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه الذي ما ترك خيرا إلا ودلنا عليه وما ترك شراً إلا ونهانا عنه وعلمنا آداب الصيام على الوجه الأكمل وقال في حديثه الشريف ( ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم .. إني صائم. إخواني .. اعلموا أن الصيام تهذيب وتأديب للنفس وسلوك في التعامل ويجعل التسامح من أولويات الأمور. لإيضاح سلبياتنا وإيجابياتنا في رمضان : البعض ينام نهار رمضان ويدع الصلاة والذكر وتلاوة القران . البعض الآخر عنده شهر رمضان شهر العبادة كأنه لن يصومه في العام القادم فيغتنم أيامه بالصيام والقيام، يبدو على وجهه الرضى، تجده بشوشا رغم معاناة الجوع والعطش متسامحا راجيا من الله القبول. إذاً فرمضان خطوةٌ أولى لتغيير النفس والسلوكيات للأحسن فما تعودنا عليه قبل رمضان يلغيه رمضان ويعمل على ترتيب الحياة بطريقة جديدة ليتنة نألفها بعد أن نودعه. ففيه تبدو قوة الإنسان على التغيير ولنا أمثلة على ذلك، فحينما يمتنع المدخن فترة الصيام فانه بإمكانه أن يمتنع عنه تماماً، فليس صعبا على الإنسان التي تملكه طاعة الدين أن يوجد في نفسه النجاح والمحفزات لتطلعات أكبر في حياته منطلقا من قوة الإرادة في عزيمته. ان رمضان يوجد فينا القوة التي نمتلكها في أجسادنا ولا ندري عنها ولا نستغلها وإنها لفرصة يا أخي لتبحث عن مكمن قوتك في داخل نفسك فانت قوي حينما تستطيع أن تمتنع عن ملذات الدنيا طوال نهار رمضان وحينما تستطيع ان تكمل المشوار بالامتناع عما يغضب الله في حياتك قوتك ظهرت في رمضان فلماذا تغيبها عنك بقية العام؟ باقي القول : إن في ديننا قيم فكرية وصحية وأدبية وشرائع محدودة لا ينبغي إلا اتباعها وعدم تجاوزها كي نكون سعداء فإن أيام رمضان تجري سريعاً وكأنما فقط صُمنا من أمس. أحسِنوا إلى رمضان فإنهُ زائرً خفيف الظلَ سريع الارتحال فادعوا بِه ما شئتم ولا تغفلوا عنه*بملذات الدنيا.