المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024

لغة الكُفار أجمل لغة!

في اجتماع سري قبل 1300 عام اجتمع ثلة من الكفار, وقرروا أن تكون لهجتهم هي السائدة, ليس لسطلتهم على من هو دونهم فحسب, بل لأنهم أيقنوا أن في توحيد اللهجات تحت مظلة لغة واحدة, هو توحيد لتلك القبائل المتناثرة على أطراف صحراء مجهولة المسالك!
وبدهائهم المعتاد, لم يكن طلبهم بأسلوب مباشر, فيه أمر وزجر, فقط هم رفضوا أن يحكموا أي قصيدة أو خطبة ـ في سوقهم السنوي ـ إذا لم تنسج على روعة منهاجهم, ولتمام العدل, اختاروا من كل لهجة من لهجات تلك القبائل, أجمل وأسهل وأنقى وأرقى الكلمات, وأبسط التراكيب, فتم لهم ما أرادوا, ولعبقرية ما صنعوه, نزل القرآن على لغتهم, نعم أنهم عباقرة كفار قريش!
أتعلمون إذا لم تكن لغتنا لغة القرآن, أننا كنا قد تفرقنا وتلاشينا منذ زمن بعيد!
فمن يدعو إلى الكتابة أو إلى إحلال العامية في مناهج الدراسة ووسائل الأعلام فإنما يدعو إلى هلاكنا.
هناك حكمة تقول: "الاختلاف لا يفسد للود قضية" ولكن عندي يفسد الود! فحين يكون اختلاف تضاد واختلاف مبدأ, يجب التصدي له فلا يصح أن تأخذ شيء من القاع, وتجعله في المقدمة, فهذا اعتداء صريح على الحقوق والأفكار.
كون (اللهجة العامية) مكون ثقافي حقيقي, لا يعني أنه رسمي, فلا يحق أن أي أداة تعبير تخرج على المجتمع وتصبح سائدة أن نرسمنها, فالعري والإباحية نوع من أدوات التعبير, فهناك معارض تقام في فرنسا لذلك, غادة السمان في أحد كتبها قرأت أنهم حضرت على مسرح, يقوم فيه رجل وامرأة بعملية جنسية كاملة, كوسيلة من وسائل التعبير.
فقياس أن اللهجة العامية هي وسيلة من وسائل التعبير... قياس فاسد!
لا مقارنة بين الفصيح وغيره فالفصيح أفخم, وتراكيبه أعظم, بسبب الإعراب الذي يعطي الشاعر حرية التقديم والتأخير كما أنه سالم من الحروف المستقبحة ـ كما يسميها اللغويين ـ كالقاف القريبة من الكاف (القيف) والشين القريبة من الجيم وما شابهها وبعض اللغات الضعيفة كالشكشة والكسكسة .
لما جاء أبو الأسود الدؤلي وصحبه ووضعوا قواعد اللغة العربية, وهم يعلمون أن اللغة من المرحلة التي فيها وما بعدها ستتغير, هم قالوا أن الفصيح بدأ ينهار ويدخل عليه اللحن, ولم يدركوا أن هناك لغة جديدة تنمو في الخفاء, وهذا أمر طبيعي, ولكن غير الطبيعي هو التهجين بين لغة الأعاجم ولغة العرب فالتهجين بين شيئين مختلفين أحدهم أقل من الآخر بمراحل, ينتج شيئًا نشازًا, وليس لديه قيمة عالية أعلى من قيمة الأصل.
حتى لو أتينا بحل كنظرية التفتيت والدمج ( فهي غير مقبولة) فكل لغة نضع لها قواعد سوف تأتي كلمات لها تعابير وتصبح لها معان أخرى معروفة عند دولة وليس عند دولة آخرى, والأسوأ من ذلك أن تلك اللغة الجديدة التي يوضع لها قواعد ستموت قبل أن تكتمل قواعدها لأن التعابير الخاصة في نمو مطرد لا يوقفه الزمان.
يأتك الهندي ( أنت روح, أنت اجي, مخ خربان) لا تقول أن اللغة العامية أتت من مقدرة بل أتت من ضعف التعبير, فالتحدث حاجة ملحة, ويستطيع أحدهم بناء قصيدة بتلك اللهجة المكسرة, فلماذا تعيب عليه, ولا تعيب على الشاعر الشعبي, ليس كل شيء هجين نتبناه ونشرعنه, طه حسين صنع معجم شعبي للمصريين ودشنه كلغة فرعونية يفتخر بها المصريين, ولكنه فشل فشلاً ذريعًا.
كلامنا ليس على جودة المعاني حتى وإن كانت في قالب شعر شعبي فالمادة الخام هي اللغة الفصيحة, كالذهب الخام, كماء النهر, كالجوهر النفسي (يبقى أصيلاً) وإن كدرته الشوائب الطارئة, ولكن اللغة العامية وحل حتى وإن صفيته ووضعته في أجمل قالب فهو كالفضلات التي يستطيعون أن يكررونها ويصنعون منها شيء جيد, كسقيا الأشجار.
الكلام العامي مليء بالفوضى ليس له ضوابط, هو يعيش هجين وينمو بشكل عشوائي, وكل من هب ودب, وضع فيه أثره.
إذا أردنا أن ننهض فيجب أولاً العودة إلى الدين ثم العودة بالتدريج لإحلال اللغة العربية مكان اللهجة العامية في المدارس وفي وسائل الأعلام, وإن اطرينا أن نصنع كما صنع الجاهليين بأن لا يرتقي المنبر إلا من كان يجيد التحدث بالفصحى الراقية النقية.
بواسطة :
 0  0  10.1K