المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 4 مايو 2024

خير وإن كان شر

أنا أعمى لا أرى... أنا أصم لا أسمع... أنا كسيح لا أمشي... أنا قاصر العقل والفكر, فكن يا ربي سمعي وبصري, وأحل في قلبي نور القناعة والرضى!
يحدث أحياناً أن تقف حائراً أمام قرارٍ لا يمكن التراجع عنه إلا بعد دفع ضريبة باهظة.. قرار يفتح لك أفقاً جديداً مختلفاً، ربما يكونُ أفقاً مشرقاً، وربما يكون مظلماً تتضاءل إلى جانبه ظلمات الأرض.
كل خيار سيقودك إلى عالم مختلف تماماً، بما فيه من مشاعر، وشراكات، وعلاقات، وظروف بيئية واجتماعية ومادية ونفسية مختلفة تماماً.
كل قرار له أتعابه ومخاطره، وله مزاياه ولطائفه.
كل طريق له بصمته الخالدة التي لا يمحوها مر الدهر.
تلك لحظات يصبح اتخاذ القرار فيها مغامرة، لأنك لا تملك من المرجحات ما يرجح كفة أحد الخيارين.
لأنك لا تقدر أن تستكشف المستقبل، ولا تعلم ما هو الأجدى لك في قادم الأيام.
واجه الموقف قبلك قومٌ كثر، منذ عصور ما قبل التأريخ. وكانوا يفعلون الكثير من أجل الخلاص من تلك الحيرة، ومن أجل النجاة من سطوة التأنيب حين تبدي الأيام أنه كان قراراً غير موفق:
كانوا يستقسمون بالأزلام، وكانوا يتعاطون التنجيم، وكانوا يجرون القرعة، وكانوا يتفاءلون ببعض الظواهر، ويتشاءمون ببعضها الآخر.
ولا تقلق.. فإن ركعتين يتلوهما دعاء الاستخارة، تشبهان انتظاراً لومضة من عالم الغيب ترشدك إلى الأصلح لك..

في مواجهة تلك القرارات المحيرة، لا يصح التعليق، ولا ينفع التردد. لا يصح أن تتخذ قراراً ما دون معلومات كافية.. أو مرجحات قوية..
ودليلك إلى هذه المرجحات: الله، الذي يعلم ولا تعلم، ويقدر ولا تقدر، والذي يعلم مآلات الأمور، ويعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون.
والسبيل إلى الاستمداد منه: ركعتان، ودعاء الاستخارة.. ثم انتظار ما يجود به المولى، على هيئة رغبة في القلب أو انقباض.. وإقبال من النفس أو إدبار..
وفي كثير من الأحيان: تأتيك الإشارات الربانية لتدلك على غير ما ترغب فيه، وعلى اتخاذ قرار لا يوافقك عليه أحد من الناس. وتتخذ القرار، وتضعه موضع التنفيذ، وتظلم عليك الأرض لما ترى من انغلاق الأبواب، وتنمّر الرفاق والأقارب. الذين تلجمهم -إن كانوا مؤمنين- تلك الكلمة السحرية: لقد استخرتُ!
وكثيراً ما يعزي أولئك أنفسهم بقولهم: خيرة، لعله خير..
ربما ظهرت لك هذه "الخيرة"، وعرفتَ بعد أيام أو سابيع أو شهور، أو حتى سنوات، ما الذي كان سيجري لو أنك سلكت الطريق الآخر، وما الذي كان سيفوتك لو لم تتخذ هذا الطريق!
وربما مضت الأيام، وانتهى العمر، ولم يتبين لك وجهُ الحكمة، ولا ظهرت لك مزية ما، لكنك تسلي نفسك بأن الله يعلم ما لا تعلم.
ربما كانت الكلمة التي تغفر لك ذنوبك وتدخلك الجنة مخبوءة لك في هذا الطريق الذي اختاره الله لك، ربما كان لك دورٌ ما.. دور لا تعلمه، دورٌ محوري من ادوار الإنسان/ الخليفة، يعدك الله له، ولا وصول إليه من غير الطريق الذي اختاره الله لك، ربما كانت أرطال الدموع والعرق التي ستسكبها في هذا الطريق هي ما ينبت اليقين بالله في قلبك، ويثبت الإيمان
ويتم من خلال:
تجاوز توقعاتهم... وتجاوز ما يتعرض له المرء من الأذى حين يعامل الناس... والسماحة معهم والتجاوز عن إساءاتهم...
بواسطة :
 0  0  7.8K