يامن شرى له من حلاله عله
بطبيعة الحال أن كل شاغل يشغل الإنسان ويصرفه عن القدرة على تصريف أموره ويعوقه عن تحقيق مصالحه فهو ( عله ) والعله عادة تحصل دون إختيار وتفرض نفسها في واقع المجتمع ولا غرابه فالحياة مليئة بالمشكلات والمنغصات ، فكم من ( علة ) لم تكن مفروضة علينا ولا هي نتيجة لطبيعة السير في الحياة المعتادة .
ولكن قد يستغرب البعض وجود هذه العلل في مجتمعنا وبالأخص في هذا الزمن والتي أتت طوعاً لاختيارنا مدفوعة المال مقدماً لجلبها ، فقد نتسابق لنشتريها وعندما تصبح ( غصة ) في حلوقنا نردد المثل الشعبي ( يامن شرى له من حلاله عله ) .
ومن تلك العلل مايحدث في بيئتنا الاجتماعية عندما تسوقنا الحاجه ، لاستقدام السائق الذي لا يعرف أصلاً إدارة المفتاح فضلاً عن معرفة قيادة السيارة حيث تمضي الأيام في تعليمه والصبر عليه ، صبر أيوب ، صبراً قد لا يفعله أحداً منا مع أولاده ، يتحمل الكثير من الخسائر المادية والقلق ، وإذا نفذ الصبر رددنا هذا المثل الشعبي ( يا من شرى له من حلاله علة )
وكذالك نستقدم الخادمة وقد تحملنا كل ما تطلبه مكاتب الاستقدام التي تلهث وراء المال ونهب الجيوب ليتم الاستقدام بعد مماطلة وتمديد المدة وفوات الكثير من الوقت واستنفاذ الصبر ، وياليتها تأتي مكتملة وافية بالعهود والعقود ، بل العكس هو الصحيح ، بعدها تبدأ رحلة المعاناة التي لا تنتهي ، وما علينا إلا ترديد المثل نفسه لعله يخفف من ألم ومرارة الواقع.
وكل ذالك قد يكون حرصناً منا على تسارع خطواتنا للحاق بركب من سبقنا. قد يكن من باب المباهاة ( مافيه حد أحسن من حد ) أو لحاجة ماسة تستوجب ذالك ، ومهما تعددت الأسباب فالمصيبة واحدة ..
وكل ذالك قد يهون كل هذا مع مايمارسه ضعاف النفوس ممن همهم الوحيد جمع المال والوطن والمواطن آخر إهتماماتهم ، يستقدمون عمالة بلا خبرات أوحتى مؤهلات ، يتركون كالأنعام السائبة في الشوارع وعلى قارعة الطريق شعارهم ( بتاع كله ) تتنقل من مجال إلى مجال آخر مختلف مابين الكهرباء والسباكة والبلاط والدهانات وكافة الأعمال الأخرى حتى التجارية بكافة أشكالها. .
والبعض قد يمارس التستر على هذه العماله وكل الأعمال تدار من وراء ظهره تحت إسمه لا يعلم عنها شيئاً غير حفنة من المال يعني ( ماله من الشاة إلا طرف إذنها ) لايهمه وطنه أومجتمعه بل همه نفسه ، رغم أن الضرر سيلحقه ويلحق مستقبل أولاده والأجيال القادمة وإن علم بذالك فلا حياة لمن تنادي . وعندما ينكشف أمرهم أمام الجهات المعنية وتتم محاسبتهم يرددون ذالك المثل .
لقد أصبحت وبكل أسف نسبة كبيرة من بيئتنا الاجتماعية و بنيتنا التحتية معرضة لتجارب من ليس لديه علم ولا خبرة أكيدة ولا تأهيلاً ونحن من جلبناهم أوتسترنا عليهم . فلماذا نتنهد الصعداء ونردد هذا المثل الشعبي : يا من شرى له من حلاله علّة ونحن السبب.
ختاماً :
إن لم يكن لدينا حس وطني وإنتماء حقيقي لوطننا ومستقبل أجيالنا القادمة والتقيد بالانظمة والقوانين فلن نتخلص من هذا المثل .