دراجة الوزير
شاهدت مقطع فيديو للإعلامي المبدع احمد الشقيري صاحب البرنامج الرمضاني الشهير (خواطر)
حيث تم تصوير مواطن من كوبنهاجن عاصمة الدنمارك يركب الدراجة الهوائية يذهب بها الى عمله ويعود عليها الى منزله هذا المواطن برتبة وزير واي وزارة ؟ انها وزارة الداخلية ووزارة الصحة
انه الوزير بيرتل هو البالغ من العمر 66 عاما فسأله لماذا يركب الدراجة وهو صاحب المعالي بالمصطلحات العربية فقال المدينة مزدحمة بالسيارات والأسرع ان تذهب بالدراجة بدلا من السيارة هذا سبب والسبب الآخر يتعلق بالصحة فالدراجة مفيدة لظهرك انها جيدة في كل شيء تجعلك تستنشق الهواء النقي وتقوم بالتمارين فالدراجة هي أفضل أداة تبقيك في صحة جيدة وتعطيك حياة طويلة، وأهم فائدة كما قال الوزير انها تبعد عنك الإحساس بالتعالي أنك وزير يجب ان تركب سيارة، وقد كنت الاحظ عند زيارتي لبعض السفراء الأجانب كيف يتفاجؤون عندما اصل اليهم بدراجتي . وكنت افعل ذلك عندما كنت وزيرا للتعليم وكنت حقا اردت ان الأولاد يخرجون من الباصات ويركبون الدراجات.
حالة الوزير الدنماركي تجعلنا نتأمل هذا السلوك العملي لكثير من النخب القيادية في الغرب الذين يصلون الى كراسي المسئولية لفترات زمنية مؤقتة يقدمون فيها عصارة فكرهم وجهدهم لخدمة شعوبهم بعيدا عن الهنجمة والاستعلاء كتلك التي يمارسها في بلداننا العديد من صغار المسئولين فكيف بكبارهم
مناظر مقززة يفرزها واقعنا المعاصر وقصص اغرب من الخيال يتحدث بها السمار عن هذا الوزير وذلك المحافظ وذاك غفير الوزير الذي يقول (بعدوا عن طريقنا ) وهناك البنون والبنات وحرم معالي الوزير
وفي هذا يحكي لي احد الزملاء قبل خمس سنوات كان قادما من القاهرة الى صنعاء على اليمنية بالدرجة الأولى وكان بجواره احد الوزراء الجدد وحرمة وفي اثناء توقفت الطائرة في عدن وقبل استئناف الرحلة استغلت حرم معالي الوزير الفرصة لإجراء اتصالات بأكبر عدد من صويحباتها تبلغهن انها قادمة من القاهرة وراكبة في الدرجة الأولى .
واذا اردنا ان نسرد القصص فما اكثرها ولكن حري بي ان استعيد ذكرى رحلة أخرى من عدن الى صنعاء عام 1996 وصادفت في الرحلة معنا وزير الثروة السمكية حينها الدكتور عبدالرحمن بأفضل رحمه الله ووزير آخر من وزراء الخيول الجامحة من ذوي الخمسة نجوم وصلنا مطار صنعاء واذا بالوزير الحضرمي يطلع معنا في باص الركاب وذاك الوزير تنتظره عند سلم الطائرة سيارة مرسيدس فخمة واذا بأحد الركاب كان واقفا بجوارنا في الباص قال يا دكتور انت تذكرني بوزراء الاشتراكي قبل 1990 فقلت ذاك اللي ركب المرسيدس احدهم ولكن الموديل تجدد ما بعد 1990
وطالما نحن في هذا السياق أتذكر حضرميا آخر هو المغفور له بإذن الله فيصل بن شملان في حملته الانتخابية قادما من وادي حضرموت الى ساحلها وهو يركب سيارة صديقه البيجو ذات الموديل القديم من أواخر الثمانينات.
انا هنا حين سردت مثالين لمسئولين حضارم ليس من باب التعصب لبني قومي ولكنها وقائع شوهدت والا فللأسف فقد بالغ بعض الحضارمة في التشبث بالشكليات واعتماد سلوك التعالي والهيلمانات التي ربما تعلموها من هنا او هناك وأيضا ما بعد 1990م
وختاما ما يعنينا هو فقط الإشارة الى الفرق بيننا نحن العرب ما ان يتولى أحدنا منصب حتى يصب جل وقته في العناية بترميم اموره الشكلية من سيارات ومرافقين وفلل او سكن فاخر ولا تجده يلقي لمنصبه بالا فيدخل المنصب ويخرج منه الا من رحم ربي ولا أثر لبصمة يذكر بها.
[email protected]