كورونا ما بين صمت منيرة وأنفاس بندر
بقلم : نورة العمرو:
*
* * أكمل الممرض بندر الكثيري أسبوعه الأول في العناية المركزة بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة إثر انتقال فيروس كورونا له فيما يبدو كعدوى منشأة صحية بدلالة النتائج السلبية لجميع المخالطين له مجتمعيا حسب نتائج التقصي التي قامت به وزارة الصحة لأفراد قريته.
ما زال بندر يرقد في العناية المركزة ولم يكن ليعلم العالم عنه لولا الله ثم مناشدة والده عبر وسائل الإعلام لحقوقه الصحية وأبسطها تقاريره الطبية، وأخيرا خروج سيل من زملاء وزميلات مهنته عن صمتهم بحملة على وسائل التواصل الإجتماعي فيما زالت الممرضة منيرة العصيمي الوكيلة المساعدة للخدمات الطبية المساعدة بوزارة الصحة صامتة.
* تخبط وزارة الصحة في إدارة تفشي فيروس كورونا ليس بالخبر الجديد والممرض بندر ليس الممارس الصحي الأول الذي يصاب بعدوى كورونا من بؤر مستشفيات حيث أن حوالي ربع الحالات المعلن عنها كانت لممارسين صحيين، غالبهم من الممرضين والفنيين، في مناطق المملكة المختلفة ولكن الوزارة غالبا لا تعلن عنهم كممارسين صحيين وإنما كمرضى عاديين كما فعلت في تصريحها الأخير عن الممرض بندر شفاه الله.
* *وقد يتساءل البعض عن سبب عدم إعلان الوزارة لإصابات الممارسيين الصحيين بشفافية والسبب يعود بشكل رئيسي إلى أن بؤر المستشفيات والمرافق الصحية هي ناتجة عن ضعف إجراءات مكافحة العدوى، فتراخي الوزارة بالبحث عن مصدر الفيروس قد يشفع لها في ضعف احتواءها للبؤر المجتمعية ولكن لا يوجد ما يشفع لها في بؤر المستشفيات وإصابات ووفيات منسوبيها الناتجة عنها.
* *ولكن ما المميز في الممرض بندر الكثيري ليبدأ زملاؤه الممرضات والممرضين حملة مطالبة بحقوقه؟ هذه الحملة التي بدأت بالمطالبة بتزويد والده تقارير حالته الطبية، مرورا بعلاجه وانتهاء بالمطالبة بأن لا يتكرر هذا السيناريو بين الطواقم الصحية، خصوصا مع ضعف إجراءات مكافحة العدوى ومتطلباتها التي تتجاوز صناديق العشر آلاف كمامة التي لم يتم إخضاعها وإخضاع لابسيها لاختبارات صلاحية تنفسية.
* *المميز في هذه الحملة بأنها بدأت من أساس الهرم الصحي وقاعدته، من الطواقم التمريضية والفنية، والتي حملت هما إنسانيا مغلفا بالخوف على مرضاهم وشعورا بالمسؤولية بعد أن خذلتهم وزارة الصحة وخذلتهم ممثلتهم الصامتة الوكيلة المساعدة الممرضة العصيمي، ولم تجعلهم خطا أحمرا لا يمكن لتخبط وكالة الصحة العامة تجاوزه.
* *تحملت الطواقم التمريضية والفنية غبن الوزارة لهم في كوادرهم الصحية وبدلاتهم التي لا تصرف، بما فيها بدل العدوى، وبيئات عملهم الخطيرة واستمرت بعملها في الخط الأول ولم تنبس ببنت شفة عن ما تراه من ضعف إجراءات مكافحة العدوى وبؤر المستشفيات الناتجة عنها بما فيها بؤر فيروس كورونا، وكلها أمل بأن تتدارك الوزارة هذا التخبط قبل أن يختطف أحدهم، أو يسقطه مريضا في ليلة عمره، ليزف لعناية مركزة عوضا عن عروسه.
* *قامت الطواقم التمريضية والفنية بضرب أروع مثال في المواطنة، فهي استشعرت خطر تساقط أفرادها وطالبت استباقا بتصحيح أداء الوزارة في تفشي كورونا خاصة وحقوقهم عامة حفاظا على تقديم الخدمات للمرضى بشكل مستمر فهم وضعوا ومازالوا يضعون المريض أولا فعلا متجاوزين القول.
* *اهتزت قاعدة الهرم الصحي غضبا فانهمرت رمال قمته مسرعة لمحاولة تدارك ما يمكن تداركه، فقام بزيارة الممرض بندر مدراء الشؤون الصحية لمكة وجدة، بعد أن قام الأخير برمي المسؤولية على الأول بأن عدوى بندر من قريته في منطقة مكة المكرمة وليست من المنشأة الصحية لتسجل صحة جدة رقما قياسيا في التقصي المجتمعي ونتائجه. الجدير بالذكر أن تصريح صحة جدة أتى متناقضا فهو ذكر أن عدوى بندر مجتمعية من قريته وفي نفس التصريح ذكر أن نتائج التحاليل المجتمعية أتت سلبية، ليدين نفسه بأن عدواه من بؤرة المستشفى.
اهتزت قاعدة الهرم الصحي وأساسه من طواقم تمريضية وفنية إحباطا ولم تهتز وكيلتهم المساعدة لوزارة الصحة لينتهي الأسبوع الأول من بؤرة كورونا الجديدة بصمت الممرضة منيرة العصيمي وصوت أنفاس الممرض بندر الكثيري، ونأمل بأن لا ينتهي بصمت مستمر منها وصمت أبدي منه.*