المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
مصلح الخديدي
مصلح الخديدي

زمن النقر بالإصبع

كثير من أبناء هذا الجيل لم يعد يهمه من تلك الدنيا الشاسعة سوى ( النقر بأصابعه ) على الأجهزة التقنية الحديثة ، يصور ، ويعلق بما يحلو له على الأحداث الجارية ، ويقوم بعملية النسخ واللصق والإرسال .. طبعاً لم يقتصر هذا ( النقر ) على شريحة الشباب فقط ، بل شمل جميع شرائح المجتمع دون استثناء .. فقد بتنا نرى الحريق يداهم منزل جارنا ، ونشاهد معظم المتواجدين في المكان وقد أمسك كلاً منهم بجواله ، يصور الحدث لرفعه على ( اليوتيوب ) . وآخر يصور للنشر عبر ( الوات ساب ) دون تدخل لعملية الإنقاذ ، ويسري ذلك على الحوادث المرورية ، ومآسي السيول وغيرها من الحوادث ، الى جانب مانراه ونسمع عنه من اعتداءات في الأماكن العامة والشوارع دون تدخل من المارة وكأن الموقف لايعنيهم . الكل منهمكاً في ( النقر ) .. لست متشائماً ولا أحب التشائم ، ولكن أشعر بحزن ( يعصرني ) على ما آلت إليه مشاعر وأحاسيس ونظرة البعض لما يحدث ، والذي يختلف تماماً على ما كان عليه آبائنا وأجدادنا في الزمن الجميل ، الذي أصبحنا نسميه ( زمن الطيبين ) فقد كانوا يتفقدون بعضهم البعض ، إذا غاب القريب أو الجار ذهبوا لمنزله يتفقدون أهل بيته ، يسألونهم ويقضون حوائجهم إن كان في سفر ، حتى يعود . وعندما يسمع بمرض أو وفاة أو أي حادث من حوادث الزمان ، يجتمعون ويمضون دونما تفكير ، للوقوف معه في حزنه ، تماماً كما يشاركون في فرحه .. لديهم شعور وإحساس بالمسؤلية ، امتثالاً لقول المصطفى صل الله عليه وسلم : حيث قال : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) . لا أعلم كيف وصلنا ؟ إلى أين نسير ؟ وماذا يخبي لنا القدر ؟ فما يحدث اليوم من كثرة ( النقر بالإصبع ) يحتم علينا مراجعة أنفسنا ، وإعادة حساباتنا تجاه تعاملنا مع هذه التقنية الحديثة ، والتي أعتقد أنها هي السبب الرئيس لما أصبحنا نشعر به من افتقاد الإحساس والشعور بالآخرين . ختاماً : أدعو الله ألا نكون فعلاً في آخر الزمان ، وحتى لا نكون من أشرار الناس . والسبب النقر بالإصبع .
بواسطة : مصلح الخديدي
 0  0  11.3K