اسقاط القدوات
منذ بداية انطلاق السينما والدراما العربية وحتى يومنا هذا تم تصوير قدوات المجتمع المتمثلة بالأم والمعلم والعالم واهل الدين بصورة مقزمة ومسيئة تنتقص منهم تماما
فربة البيت تصور اما امرأة ضعيفة رثة المظهر او كل همها النوادي والجمعات الفارغة او امرأة مطحونة لا تمتلك قرارها
وكثرت في هذا النكات خاصة تلك التي تشوه صورة الزوجة امام زوجها وتداولها الناس وبلا شعور تعمق في وجدان كثير من الرجال ان أي امرأة في الكون هي أفضل من زوجته سواء شكلا او فكرا وهيئة وهذا مما ساعد على الخيانات وتفكك الأسرة.
والمعلم رجل فيه حمق ولا يخلو منظره من صورة نمطية أصلع الراس غالبا لدية سمنة او نحافة مفرطة يعاني الفقر ويلجأ غالبا للدروس الخصوصية بشكل اشبه بالمتاجرة،
وأما العالم واهل الدين فحدث ولا حرج فقد جمعت لهم كل مساوئ الاخلاق والمظاهر فهم القساة في بيوتهم المتسلقون لأجل مصالحهم، المهددون لأمن الوطن وكل ما يمكن أن يدور برأسك فقد الصق باهل الدين ولم ينج من هذه الصورة الا ما يمكن ان نسميهم الدراويش الذين يكتفون بجلسات الزار وزوايا التكايا فهم الذين لا خطر منهم يهدد السلطة أو كرسي الحاكم ولا يهمهم اصلاح المجتمع فبالتالي تفسح لهم مجالات واسعة من الظهور والاحتفاء بهم ويصدروهم المجالس والوسائل الإعلامية.
وبالفعل نجح اعلام المسيح في هدفه وحقق مبتغاه فالمرأة كرهت تلك الصورة القبيحة عنها فبدأت تسترجل وتزاحم في اعمال لا تليق بأنوثتها واهملت بيتها وتركت تربية أولادها للخادمات او للشارع ورفقاء السوء وبدأت تجري في ميدان العمل وتنهمك في عالم الموضة حتى لا تكون صورة تلك المغنية او الممثلة أقرب الى قلب زوجها وهنا بدأت الاسرة تترنح امام مغريات صنعها اعلام متمرس في خلخلة القيم وتفكيك الاخلاق.
مع ذلك التصوير القبيح للمتدين والعالم نشأ شباب يتصيدون عثرات العلماء ويتقنون القدح في الدعاة ونشر النكات السخيفة عنهم ونقل الأكاذيب عنهم
بل وصل الحال بكثير منهم للسب واللعن لمن يمكن أن نسميه قدوة ليس فقط المتدينين بل شمل كل مفكر او مثقف همه اصلاح المجتمع وبيان عبث الحاكم وزبانيته
لم يترك الاعلام بإيعاز من الحكام الانسان العربي والمسلم بلا قدوات يحتذي بهم حاشاهم ان يدعو شباب المسلمين ورجاله ونسائه دون مثل اعلى يقلدونه ويحذون حذوه فصنعوا لهم المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات والتافهين والتافهات ومجاميع من الفتوات والصعاليك حيث قاموا بإنتاج الاف الأفلام والمسلسلات التي تصورهم كملائكة فامتلأت قلوب العامة بحبهم وظنوا ان هؤلاء هم الذين يجب ان نكون مثلهم
وافسحوا المجال للكتاب الذين يخدمون نفس الفكرة فملأوا المكتبات بمؤلفات تدعم هذا السقوط.
محاولات وملايين بذلت ومازالت وعقول مريضة لم تتوقف حتى اليوم عن العمل لهذا الهدف نعم حققت كثير مما رمت اليه لكنها فشلت ان تصل لأولئك الذين تربوا تربية أخلاقية راسخة وتلقوا تعليما نظيفا خاليا من الشبهات والدس المريض.
وفي النهاية فأما ما ينفع النفاس فيمكث في الأرض واما الغثائية والزبد فمصيرها الزوال.
خاتمة شعرية: للشاعر احمد مطر
فصيحنا ببغاء،
قوينا مومياء،
ذكينا يشمت فيه الغباء،
ووضعنا يضحك منه البكاء،
تسممت انفاسنا حتى نسينا الهواء،
وامتزج الخزي بنا حتى كرهنا الحياء،
[email protected]