هل يعي المثقفون مايدور حولهم؟
د. ابراهيم العواجـي
*
*** أنا لم أعش مرحلة الفوضى التي سبقت توحيد المملكة على يد صانع التاريخ الراحل العظيم الملك عبدالعزيز ولكن أشعر الآن أنني لست بحاجة إلى ذلك لأنني أرى ما يجري حولنا وأرى نتائج اختلال الأمن والفوضى والقتل والنهب واغتصاب الحريات والكرامة والغموض حيال ماذا سيحدث غداً .. لست أدري إن كان ربيعاً أم شتاء قارساً وصيفاً حارقاً أهو ولادة الديمقراطية أم ولادة الفوضى والدمار لست أدري ولا أنتم تدرون .. أنا الأنسان الذي ذاق طعم الأمان أخاف من ضده، أخاف من فقده فلا حياة ولا تنمية ولا تطور بدون أمن، للنظر إلى بعض أشقائنا العرب خاصة ذوي الامكانات المادية والبشرية الذين يفوقوننا بثرواتهم الطبيعية الكبيرة وإنسانهم المؤهل سنيناً قبلنا.. إلى أين وصلوا ، لقد تمزقت لحمتهم الاجتماعية بسبب عدم الاستقرار والتمزق في غمرة الصراعات على الخطوط الإيدولوجية والطموحات السياسية وقبول تدخل الآخر في شؤونهم، إن أقصي درجات انحدار المجتمعات هو استعانة أحد اطرافها بالأعداء لنصرتهم .. هذه هي قمة الانحطاط.
من هو المثقف المعني بهذا الموقف ..
* * *أنا لن أدخل في جدليات التعريف الأكاديمية لأننا لو طبقنا المصطلح وفقاً للنظريات السائدة لما وجدنا الكثيرين لدينا ، وإنما المثقف المعني هنا هو ذلك الانسان المتفاعل مع قضايا مجتمعه ووطنه بالوعي والقلم أو بالصوت كل حسب قدراته وقاعدة متابعيه ، أكان أدبياً أو صحفياً أو رجل دين وكل يغني على ليلاه أكانت حرة أو مومساً .
وإذا كان تأثير هذه الشريحة من المجتمع في الماضي محصوراً في حدود أدوات التواصل التقليدية كالمقال الصحفي أو الكتاب أو اللقاء الإذاعي أو التلفزيون أو منبر المسجد أو الصف التعليمي .. إلخ، فإن تأثيره الآن قد اتسع بسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة المتعددة(تويتر، فيس بوك..) ومئات المنابر التلفزيونية التي تتزاحم على وقت المشاهد وتحمل الكثير من أدوات التأثير الإيدلوجي السياسي المباشر والتي استخدمت من قبل قوى محلية وخارجية لإعادة تشكيل مواقف الناس حيال قضاياهم المحلية والأقليمية بصورة أكثر مباشرة من ذي قبل .. إذن فأنا أستخدم كلمة مثقف كمفهوم عام ضمن أبعادها الموضوعية لا درجة تطابق التعريف العلمي للمثقف على المخرجات الثقافية لهذه الفئه من أرباب الكلمة.
