المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
مصلح الخديدي
مصلح الخديدي

إخبرني إذا فُقتُ من سَكرتي

أنا سكران وأنت أيضاً ، بل المجتمع بأسره أصبح ( سكران ) لا نعلم متى ( نفيق من سكرتنا) إننا في زمن ، العاقل فيه تاه ، والجاهل ، فيه يرقص ..
عندما نجد أن وسائل الاتصال الحديثة ، قربت بين الأشخاص المتباعدين جغرافياً ، وجعلت العالم يبدو ( كقرية صغيرة ) من حيث سهولة التواصل ، وتبادل المعلومات ، والخبرات، وإن كانت هذه القرية الصغيرة اتصالاً، لاتزال عالمًا متنائيًا متنافرًا ، أفكارًا ، وقيمًا..
ولكن : المفارقة المدهشة التي تجعلنا نؤمن بأننا لازلنا في ( سكرتنا ) عندما نشاهد ، أو نسمع ، عن ثورة الاتصالات ، التي قربت المتباعدين وأبعدت المتقاربين ..
فالمرء يتواصل بانسيابية ، واستمتاع ، مع أشخاص من أقاصي الأرض، وقد يخصص لذلك أوقاتًا ثمينة ، ويستثقل أن يمر على أمه مثلاً للاطمئنان عليها، أو أن يمنح أبناءه ، ساعة من نهار ، يتعارفون خلالها، أو أن يفارق مقعده ، ليتنزه مع أصدقائه الحقيقيين ..
وكذالك المرأه ، قد يكون لديها عشرات الصديقات من دول مختلفة، فهذه صديقة من ( الهند )، وتلك أخرى من ( السند )، وثالثة من ( القطب الشمالي)، تبني جسوراً للتواصل والعلاقات ، مع أشخاص مختلفين، وتضيق ذرعًا ببناء جسراً ، مع جارة قريبة لها ، ولو بإلقاء السلام ، أو تهنئة بمناسبة ما ..
لا أحد ينكر إن هذه التقنية ، أصبح لها أثر كبير على كل شيء ، إبتداءً بالتربية والتعليم ، ومروراً بالعمل والعلاج والتغذية ، والترفيه ، وإنتهاءً بالعبادة ..
ولكن للأسف كثير من الناس يستخدمون هذه التقنية دون مراعاة لفروق الأهداف في الاستخدام ..
إن المسلم ليس لديه وقت فراغ ، فوقته كله عبادة ، وعمل ، حتى النوم ، يمكن أن يكون عبادة ، لقد أصبح حديث المجالس : هل قرأت هذه النكتة ، وهل شاهدت هذا المقطع، هل تريدني أن أرسله لك بالواتس آب ، وكلها أشياء لا تزيدنا بشيء نافع لكنها أصبحت شغل الناس الشاغل ومضيعة للوقت الذي يُفترض أن يكون أثمن شيء عندنا..
واصبح من اﻷشياء المنكرة عندنا هو عدم حمل هاتف ذكي، وعدم شراءه ، له ولأبنائه ، وأصبح الكثير يتفاخر بكثرة القروبات لدية ، ( عيني عليه باردة ) عندما يكون مدير قروب ، أو قروبات ، تجده ( نافش ريشه ) يشتعل حماس ، ومداومه مستميته على مدار الساعة ..
إنني أستعجب ممن لديهم وقت فراغ ، وأستغرب أكثر ممن يقول أنه يحاول قتل الوقت ، فكما قال الحسن البصري : يا إبن أدم ( إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك ) فكأنما يريد هذا الشخص الذي يريد قتل الوقت أن يقتل جزءً من وقته . فمتى نفيق من سكرتنا.
بواسطة : مصلح الخديدي
 0  0  12.2K