هل أنتــ «حر»؟
إيمان الهاشـــمي :
****
*** «الحرية» هي الشجرة الأم التي تمتد أذرعها من عنق جذعها إلى صدر السماء كي تحتضننا برفق وتطالب بما نريد كما نريد ومتى ما نريد، لكن في الآونة الأخيرة تكاثرت فروعها بشكل مريب، ما جعلها تبدو مشتتة ومتشابكة بلا انتظام، كالشعر الأشعث الأغبر، فكثافة أغصانها كشرت عن أنيابها، وباتت تنبت بلا أوراق خضراء! بينما نحن الأبناء في الجذور نراقب من بعيد جنون تشعباتها، ونمارس حرية الصمت من أجل حرية التشعّب!
فبعد أن تعددت أنواع الحريات تاهت المعاني في غرفٍ معتمة «كالدهليز»، تحتاج إلى إضاءة وإرشاد توضيحي لإيجاد المخرج الصحيح لعناوين تراكمت فوق بعضها بعضاً، مثل: حرية الرأي، والقلم، والفكر، والتعبير، والتصويت، والاختيار، والكلام،…… و…و…و من هنا وقفت مشدوهة لأطالب بحرية الحرية!
فالحقيقة أننا قد قسمنا «شجرتنا الأم» إلى شجيرات عديدة، ففقدت حريتها! وتحوّلت فجأة من «أمّنا الشجرة» إلى «أمّنا الغولة»، حيث أصبحت تعيش دور الضحية في مسلسل «حياة البراري» حين افترسها وحش الطمع والتجزيء البشري، فتمزّق جسدها الأخضر الندي إلى لحاءات صغيرة تكاد لا ترى بالعين المجردة، بل إن الجدير بالسخرية أن البعض أطلقوا العنان لحريتهم على حساب حريات الآخرين، وهذا بحد ذاته يُعد تجسيداً بليغاً لقانون «الغابة العمياء»، التي لا يرى فيها «الحر منهم» إلا نطاق «الأنا» بما لا يتعدى طول أنفه، أو أصابع قدميه إن طالت! فيمارس أهواءه على أكمل وجه، ويخترق قوانين الأرض والسماء، بل قد ينتهك إنسانيته بيده تحت شعار «أنا حر».
لذلك أتمنى تصحيح هذا الشعار «أقلها فيما بيننا» وفي تعاملاتنا، مع بناء أسوار منيعة تحجب عنّا أولئك «اللا أحرار» ممن يقتلعون جذور شجرتنا الحرة، مع التوصل إلى قناعة مشتركة لتوحيد المعنى الأساسي لوجودها وزرعها بيننا، فأنا لا أرى أي داعٍ لتنوع محاصيلها إلى هذه الدرجة، خصوصاً إن كانت بلا معنى واضح، وذلك لأننا فقط إن زرعنا بذور الإنسانية في قلوبنا بكل صدق لأنتجنا أجود أنواع التعامل في ما بيننا.
جئت اليوم لأبحث عن المعنى الحقيقي للحرية! فهل أنتـــ «حر»؟
[email protected]
بواسطة :
زائر
24-03-2014 03:07 صباحاً
0
0
12.7K