في يوم اللغة العربية .. إرث حضاري عظيم ومسؤوليات كبرى تجاه لغة القرآن الكريم
تُعدّ اللغة، بمفهومها العام، إحدى أهمّ مؤشرات تطوّر الأمم وازدهارها، إذ إنّ أول أسس النهضة في المراحل الأولى لنشوء الجماعات البشرية تمثّلت في توافق هذه الجماعات على لغةٍ يستخدمونها للتواصل، ويستعينون بمفرداتها للتعبير عن أفكارهم واحتياجاتهم ومشاعرهم.
ومع تطوّر المجتمعات البشرية، صارت اللغة تحمل دلالات أكثر أهمية من كونها مجرّد وسيلة للتواصل البسيط بين الناس، إذ صارت الأداة الرئيسة للتفكير، والوسيلة الأكثر أهمية لاكتساب المعرفة ونشر العلوم وتبادلها، وعلى هذا النحو امتدّت أهمية اللغة لتصير مكوّنًا رئيسًا من مكوّنات الهويّة الثقافية والحضارية الخاصّة بالأمم الشعوب، ووسيلتهم لنشر علومهم والتعريف بثقافتهم وإنجازاتهم الحضارية حول العالم.
وإذا كان هذا الكلام عامًّا، يخصّ كلّ لغات العالم الحيّة، فإنّ للعربية مزايا تفرّدت بها، وجعلتها تحتلّ المكانة الأكثر أهميّة في قائمة اللغات الإنسانية، إلى الحدّ الذي جعل مئاتٍ من الباحثين يعكفون على دراسة هذه اللغة في محاولة لفهم سرّ ما فيها من تفرّد وسحر وجمال.
وليس ثمّة شكّ في أنّ أهمّ مزايا العربية وأجلّ مناقبها هي أنها اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون لغة القرآن الكريم، فقد كان العرب يمتازون بفصاحتهم التي لا تُجارى، وجزالة ألفاظهم، وحُسن بلاغتهم، وكانوا حريصين على لغتهم أشدّ حرص، فلما نزل القرآن الكريم جعل لهذه اللغة حضورًا عالميًا واسع النطاق، وزادها فصاحةً وبلاغة، قال تعالى :
" وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هَذا القُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ " )الزمر:27- 28( وهو ما أشار إليه وأقرّ به كلّ الباحثين الذين درسوا اللغةَ العربية، فقد قال الباحث والمستشرق النمساوي جوستاف جرونيباوم: " ليست منزلة العربية الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان، بل إنّ من يتبع جميعَ اللغات لا يجد لغةً تضاهي العربية في جمال أصواتها وغنى مفرداتها"، وهو ما أكّده الباحث والمستشرق الألماني كارل بروكلمان حين قال :" بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أيُّ لغة أخرى من لغات الدنيا". وحينما درس الفرنسي آرنست رينان اللغة العربية وتاريخها خرج برأي خالف فيه ما أجمع عليه علماء اللغة الذين يرون أنّ اللغات تمرّ بمراحل عديدة حتى تنمو وتكتمل ببنيتها وأنساقها اللغوية؛ إذ قال: " إنّ اللغة العربية بدأت فجأة في غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة". فهذه الشهادات التي جاءت من باحثين عالميين تدلّ على نحو صريح على قيمة اللغة العربية، وعلى الأثر العظيم الذي تركه القرآن الكريم في هذه اللغة.
إنّ مزايا اللغة العربية، وفرادتها، وسحر البيان الذي تمتاز به، أكثر من أن تخزله مقالات وكتب، فبدءاً من أنساق هذه اللغة، وسعة مفرداتها، ومرونتها، مرورًا بما فيها من علومٍ تختصّ بالنحو والبلاغة والصرف والعروض وغيرها، مثّلت العربية الأنموذج اللغوي الأكثر جمالا واكتمالا في تاريخ اللغات الإنسانية كلّها. وقد بلغ الاحتفاء بهذه اللغة والاهتمام بتعلّمها حدًّا عظيما إبّان فترة ازدهار الأمّة الإسلامية، حينما كانت العربية لغةَ العلم والأدب على امتداد العالم كلّه، وكان أيّ طالب علمٍ في الهندسة أو الطبّ أو الفلك أو غيرها من علوم يُعنى أولا بتعلّم العربية؛ لأنها اللغة التي تكفلت بالحفاظ على التراث الإنساني السابق كله، حيث استوعبت اللغة العربية بيسر ومرونة المخزون الهائل من المصطلحات العلمية الخاصة بكلّ الحضارات الإنسانية، عن طريق عمليات الترجمة و التأليف التي قام بها المسلمون على اختلاف أصولهم، متوسّلين باللغة العربية أداةً لذلك. وحينما بدأت ملامح النهضة الأوروبية الحديثة كان أول ما فعله الأوروبيون هو ترجمة المؤلفات العربية إلى لغاتهم، ولا تزال آلاف المخطوطات العربية في المكتبات الأوروبية، شاهدة على الإرث والتراث الإسلامي العظيم الذي حفظته اللغة العربية.
واليوم، وفي ظلّ ما يشهده العالم من تغيّرات كبرى، فإنّ مسؤوليتنا تجاه لغة القرآن الكريم عظيمة على المستويين الفردي والجماعي، فنحن معنيون بإعادة الاعتبار إلى هذه اللغة عن طريق الحرص على دراستها وفهمها والتمكّن منها ومنحها الأولوية في محادثاتنا وكتاباتنا ومعاملاتنا، وقد تحمّلت المملكة العربية السعودية دائما مسؤوليتها الدينية والقومية تجاه اللغة العربية على أتمّ وجه، وما احتفاؤنا هذا بيوم اللغة العربية إلا واحدًا من نتائج هذا الاهتمام؛ إذ إنّ يوم اللغة العربية الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كلّ عام، هو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الذي ينصّ على إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدّمته المملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية في الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونيسكو. كما أكّدت رؤية المملكة 2030 هذا الاهتمام الذي توليه المملكة للغة العربية، حينما تضمّنت الرؤية إشارة إلى ضرورة العناية باللغة العربية بوصفها جزءًا أساسيّا من مكوّنات الهوية الوطنية السعودية، فما أحوجنا اليوم إلى إعادة الاعتبار إلى لغتنا العربية في كلّ مناحي حياتنا، فالأمم التي لا تُحسن الحفاظ على لغتها، تخسر ماضيها، وتفرّط في مستقبلها.
" وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هَذا القُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ " )الزمر:27- 28( وهو ما أشار إليه وأقرّ به كلّ الباحثين الذين درسوا اللغةَ العربية، فقد قال الباحث والمستشرق النمساوي جوستاف جرونيباوم: " ليست منزلة العربية الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان، بل إنّ من يتبع جميعَ اللغات لا يجد لغةً تضاهي العربية في جمال أصواتها وغنى مفرداتها"، وهو ما أكّده الباحث والمستشرق الألماني كارل بروكلمان حين قال :" بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أيُّ لغة أخرى من لغات الدنيا". وحينما درس الفرنسي آرنست رينان اللغة العربية وتاريخها خرج برأي خالف فيه ما أجمع عليه علماء اللغة الذين يرون أنّ اللغات تمرّ بمراحل عديدة حتى تنمو وتكتمل ببنيتها وأنساقها اللغوية؛ إذ قال: " إنّ اللغة العربية بدأت فجأة في غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة". فهذه الشهادات التي جاءت من باحثين عالميين تدلّ على نحو صريح على قيمة اللغة العربية، وعلى الأثر العظيم الذي تركه القرآن الكريم في هذه اللغة.
إنّ مزايا اللغة العربية، وفرادتها، وسحر البيان الذي تمتاز به، أكثر من أن تخزله مقالات وكتب، فبدءاً من أنساق هذه اللغة، وسعة مفرداتها، ومرونتها، مرورًا بما فيها من علومٍ تختصّ بالنحو والبلاغة والصرف والعروض وغيرها، مثّلت العربية الأنموذج اللغوي الأكثر جمالا واكتمالا في تاريخ اللغات الإنسانية كلّها. وقد بلغ الاحتفاء بهذه اللغة والاهتمام بتعلّمها حدًّا عظيما إبّان فترة ازدهار الأمّة الإسلامية، حينما كانت العربية لغةَ العلم والأدب على امتداد العالم كلّه، وكان أيّ طالب علمٍ في الهندسة أو الطبّ أو الفلك أو غيرها من علوم يُعنى أولا بتعلّم العربية؛ لأنها اللغة التي تكفلت بالحفاظ على التراث الإنساني السابق كله، حيث استوعبت اللغة العربية بيسر ومرونة المخزون الهائل من المصطلحات العلمية الخاصة بكلّ الحضارات الإنسانية، عن طريق عمليات الترجمة و التأليف التي قام بها المسلمون على اختلاف أصولهم، متوسّلين باللغة العربية أداةً لذلك. وحينما بدأت ملامح النهضة الأوروبية الحديثة كان أول ما فعله الأوروبيون هو ترجمة المؤلفات العربية إلى لغاتهم، ولا تزال آلاف المخطوطات العربية في المكتبات الأوروبية، شاهدة على الإرث والتراث الإسلامي العظيم الذي حفظته اللغة العربية.
واليوم، وفي ظلّ ما يشهده العالم من تغيّرات كبرى، فإنّ مسؤوليتنا تجاه لغة القرآن الكريم عظيمة على المستويين الفردي والجماعي، فنحن معنيون بإعادة الاعتبار إلى هذه اللغة عن طريق الحرص على دراستها وفهمها والتمكّن منها ومنحها الأولوية في محادثاتنا وكتاباتنا ومعاملاتنا، وقد تحمّلت المملكة العربية السعودية دائما مسؤوليتها الدينية والقومية تجاه اللغة العربية على أتمّ وجه، وما احتفاؤنا هذا بيوم اللغة العربية إلا واحدًا من نتائج هذا الاهتمام؛ إذ إنّ يوم اللغة العربية الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كلّ عام، هو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الذي ينصّ على إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدّمته المملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية في الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونيسكو. كما أكّدت رؤية المملكة 2030 هذا الاهتمام الذي توليه المملكة للغة العربية، حينما تضمّنت الرؤية إشارة إلى ضرورة العناية باللغة العربية بوصفها جزءًا أساسيّا من مكوّنات الهوية الوطنية السعودية، فما أحوجنا اليوم إلى إعادة الاعتبار إلى لغتنا العربية في كلّ مناحي حياتنا، فالأمم التي لا تُحسن الحفاظ على لغتها، تخسر ماضيها، وتفرّط في مستقبلها.