إحترموا الحمير .. ياساده
لقد لفت نظري قبل ايام عراك شديد بين اثنين ، فدعتني النخوة ، والفزعة .*وشاش راسي ( وقلت ياروح مابعدك روح ) واقتربت منهم لفض ذالك العراك الذي تبادلا فيه بالملاسنة بينهم ( انت حمار ياحمار ) في تلك اللحظة لم يعد يهمني نتيجة ذالك العراك الذي شاش راسي من أجله .
حيث عادة بي الذاكرة للورى وتذكرت عندما كنت صغيراً أعيش بقريتي في التسعينيات كنت اسمع الكثير ممن يستخدموا هذه الكلمة ( أنت حمار ) كشتيمة ، لا اعلم من اين أتوا بها ، أم انهم شتموا بها يوماً ما ، حتى أصبحت سلوكاً مكتسباً يطلقونه ع الآخرين ، وأصبح ايضاً بمثابة إرث تتوارثه الأجيال حتى يومنا هذا .. لذالك يا أحبتي بالرغم أني أعلم تماماً ان ليس أحداً من الحمير سيقرأ مقالي هذا ، إلا أني سأكتب اليوم وبإنصاف ( للحمير ).. هذا النوع الحيواني الذي قيل عنه الكثير من الأفكار المغلوطة والصفات الخاطئة..
فإذا نظرنا إلى المفردات الحيوانية التي نستخدمها في حياتنا اليومية وفي لغة التخاطب وتواصلنا مع الناس نجد تكريساً لمفاهيم معينة ، فعلى سبيل المثال: ( قطقوطة) .. مشتقة من قطة ، تقال للفتيات الصغيرات الناعمات بغض النظر عن نكران الجميل الذي تعرف به القطة...
وكذالك عندما نقول ( تمشي كالطاووس ) .. مصطلح يسعد المخاطب به ، بغض النظر عن صفة الغرور المرتبطة بالطاووس.. وايضاً عندما نقول ( ذيب والله ) ..أي ذيب .. وهي كلمة تسعد المتصف بها وإن كان للذئب صفات عدائية.. وأخيراً.. نقول أن فلان ( حمار ما يفهم ) !!.
فهل صحيح أن الحمار لا يفهم ؟ لاشك أن الناظر لعين الحمار لا يجد لمعة الذكاء الموجودة في عيني الثعلب أو الذئب أو حتى القطة ،وايضاً نتعامل مع الحمار من ذات المنطلق، فننظر إلى سلالته النظرة ذاتها.. فنضم ابنه الجحش والبغل إلى قائمة الشتائم التي نستخدمها..
وبعيداً عن الصورة النمطية للحمير وأولادهم في أذهاننا ..
إذن تعالوا لنرى صفات الحمار الجسمانية ودلالاتها.. تقول الدراسات العلمية التي تبين أن ( الحمار ) ليس حماراً بمفهومنا، فهو ذكي، حذر، حميم، ومتعلم ومتحمس..
كما يتمتع الحمار بحدة السمع..ولديه قدرة على الحفظ من مرة واحدة، ولذلك فهو يستخدم كدليل في سلك الطرقات الوعرة والتي مشى فيها ولو لمرة واحدة ، بل أحياناً يقوم ( الحمار ) بهذا بمفرده ويعود لصاحبه بمفرده ليعيد التحميل ، ومن ثم توصيل شحنة جديدة ، وهكذا .
لذالك سأطرح هذا السؤال : مالذي يجعل الحمار حماراً ؟ الجواب : علينا أن نعد إلى صديقنا الحمار كونه صديق الإنسان منذ 6000 عام تقريباً إلى الآن .
*لنحلل لماذا ارتبطت به صفة الغباء وهو معاكس تماماً لها ، لا نجد إلا في مقاييس البشر الظالمة وأن ذلك ناتج عن صفات ملازمة له ،فالمتعامل مع الحمير يجد أن من أكثر الصفات التي يعرفون بها ( الحمير ) هي الصبر..
إذ يتمتع الحمار بقدرة تحمل تفوق غيره من أنواع الحيوانات... وأظن أن هنا مربط ( الحمار ) عفواً مربط الفرس..
فيبدو أن قضية الصبر هذه ربما هي أكثر ما تجعل ( الحمار حماراً) ..
وهذه الصفة هي التي تطلق على المجتهد في عمله أحياناً ( حمار شغل ) والتي ترتبط بالشخص الذي يعمل دون توقف ولا يقول ( لا ) لأي عمل يطلب منه
*ولا يشتكي.. ولا يتحدث عن حجم العمل المناط به ، ولا الصعوبات التي يواجهها ، ولا الحمولات التي على ظهره..
يعمل بصمت حتى بدون ( نهيق ) ومن الأشياء التي تؤهله كذالك ليكون ( حماراً ) بإمتياز ، أنه لا ينتهز الفرص فلا يترك المكان الذي ألفه ، ولا يخون صاحبه إن نسي يوماً أن يربطه بالشجرة بل يعود إلى صاحبه أو حظيرته .. لذالك وجب علي إنصافها ، وعليكم إحترامها ..