المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

ترَمپ و ليس ترامپ?

قـُل:'ترَمپ'، و لا تقـُل 'ترامپ'! فإن 'ترمپ' (=الورقة الرابحة)؛ اما 'ترامپ': فمن جملة معاني اللفظة:(مومس.) و لعل (قل..و لا تقل) هنا تذكـِّر بعضنا ببرنامج لغوي تلفازي قبل 40 عاماً، قام بتقديمه د.حسن الكرمي؛ و عنوانه: (قـُل.. و لا تـقـُل!)؛ و كانَ في ذلك البرنامج ما ينـَبـِّه الى دقائق نــُطق الكلمات و المصطلحات؛ و يبيـِّن ما يشوبـُها من فروق السياق و الفهم و المعنى. اما هنا، فبالموجز و ابتداءً، ففضلاً قـُل: 'ترَمپ'، و لا تقــُل 'ترامپ'! كما ستأتي هذه المقالة على تبيان أسباب فوز السيد دونالد ترَمپ (و اخفاقِ هِلاري). فبالرغم من بـُروز و طـَفو نجاحه كمفاجأة صارخة؛ فإن الحقيقة تبقى ان هناك عدة اسباب تكمن في الخلفية، فيما وراء الأكمة و فيما تحت القشرة. و بَدءاً بإسم هذا الرئيس الأمريكي المنتخب، فإن نطقَ لفظة (ترامپ) Tramp يجعلها غير صحيحة. بينما الصحُ هو: (ترَمپ) Trump؛ و الفرق شاسع، كما بين المَشرقين، او كما بين الأسوَد و الأبيض! فإنّ كلمة 'ترَمپ' Trump، تعني 'الورقة الرابحة' و ذلك استعارةً من لعبة الورق/الكوتشينة، حيث لاعب 'الورقة الرابحة' يتمكن من كسب بطاقات الجولة كلها! فيقوم و 'يقـُشـّها' ! كما و إن سياق كلمة ترَمب.الكوچينة موجود باللهجة الشامية/الفلسطـينـية في لفظة تــَرنيب/طـَرنيب. و كلمة ترمپ Trump تعني ايضاً: الشخص الممتاز؛ و المجال الناجح؛ و المصارع الصامد؛ و اللون المفضل؛ و صوت البوق البالغ (و يشار لنافخه بلفظة Trumpster) بينما، في المقابل، نجد ان كلمة (ترامپ) Tramp مختلفة تماماً؛ فمعناها يشمل: المُشرَّد؛ البائس الفقير؛ سفينة التهريب/سفينة الشحن غير القانونية؛ بل و إن لفظة ترامپ تعني: مُومِس!! و الحقيقة المشاهدة عن نشأة و خلفية السيد دونالد ترَمپ، هي انه ملياردير ناجح، و اعلامي شهير و بتجربة طويلة؛ و أنه تمكـّن من تخطي الحواجز الاعلامية رغم معاداة كل الصحف الكبرى و اضخم القنوات التلڤازية و عدد من كبار المنظرين و المحللين و دهاقنة بيوت الدراسات والبحوث، و عدد من المستشارين القوميين السابقين! لذا كان امراً صارخاً اعتراه موفور الاستغراب -في امريكا و حول العالم - حين تم إعلان فوز ترَمپ بمنصب رئيس امريكا؛ و معه ظهر السؤال الموجز الساخن في: (كيف لهذا أن يحصل؟!) و الإجابة على هكذا سؤال تتطلب الغوص فيما وراء السطح. فلقد تبيَّنت عدة خلفيات اقتصادية و اجتماعية، و فكرية..على هذا الترتيب، و كانت وراء فوزه. و العجيب ان قليلاً من اعار اهتماماً لتقرير وثائقي للمخرج الشهير مايكل مور ..تنبأ فيه -قبل عدة شهور- بفوز السيد ترَمپ. و كان قد سلـّط السيد (مور) الضوء على الانكسار الاقتصادي الذي اعترى عدداً من ولايات أمريكا الحساسة، منها: ولايات اوهايو و مِيشيگــَن و پـِنسلڤينيا. و هؤلاء كانوا في قلب الصناعة الثقيلة، بما فيها الحديد و الصلب، و السيارات و نحوها. و اضافة الى البطالة التي نتجت عن هذا و ذاك، فلقد لوحظت هجرة المصانع للخارج، مما نتج عنه نمو العمالة بتلك الدول، و في المقابل: نمو البطالة بين الامريكان! شرع ترَمپ بركوب تيار تسونامي ذلك الشحن و السُّخط، فقام بتجنيد مختلف طاقاته من مال و رجال، و وسائل إعلام و ادوات اتصال. و وعد وعوداً صارخة، مثل إلغاء الاتفاقيات الكونية التي عمل على ابرامها بَعد جهد-جهيد كلٌ من الرئيسين بـِل كـِلـِنتُن و بـَـرّاك أوباما؛ بل و وصل ترَمپ ذروة الحملة الانتخابية في وعده بإقامة سور عظيم (يفصل!) امريكا عن المكسيك؛ ثم تمادَى بقوله بأنه سيجيِّر تكاليفه لخزينة الأخيرة، لتدفع (هي) كـُلفة ذلك السور !! ثم شمل تفوهّهُ و تشدّقـُه طردَ المهاجرين، و بخاصة المسلمين (مُستغلاً في ذلك احداث العنف و التفجيرات في اكثر من موقع في اورپا و اكثر من ولاية في امريكا.. فصارت كلمة.و.فكرة 'مسلم' بمثابة البعبع المديم و الشعار السلبي المقيم. و واصل تفعيلَه احاسيس المواطن العادي -و بتناغم مُفرِط مع القيم المحلية و الريفية التي لا تهضم الاساليب الشمولية للحكومة الفيدرالية، و لا تطيق وصايتها؛ فما بالك بتسلطها على شؤونهم المحلية، ناهيك عن امتعاضهم لمواقف المتحررين ازاء القيم التراثيةالتليدة، ناهيك عن اعتراف بعض هؤلاء بالمثليين، فما بالك بـ (مساواتهم) بالآخرين! و واصل خطاباته ذات العبارات الفضفاضة و النارية، بل و دأب على صياغة تغريدات مفلفلة يومية في الداخل و في الخارج! و بالغ في تهييج المواطن بأقوال مثل عزمه على تكليف عدد من الدول بدفع كلفات حمايتهم مادياً و سياسياً.. مقابل حصة كبيرة من موارد تلك الدول، النفطية او ذات المكاسب المالية؛ و شمل في ذلك الشرق الأوسط، بل و لم يستثنِ حتى الياپان! و هو، في هذا كله، يعلم.. و يعلم معه الراسخون في الواقع.المعاش انّ جلٌَ ذلك او كله اقربُ للأحلام و لدغدغة فقاعات الفهلوة و لمعان السراب و ذبذبات الإعلام. و هو ايضاً يفهم ان حَموة الحملات الدعائية شيئ، بينما واقعُ ما بعد الانتخاب هو عالم آخر. وأن عليه ان يتكيف حينها مع واقع المنصب و طبيعة الحياة في العالم. و بالنسبة للسيدة هِلاري كِلنتُن، فلقد تنامىَ الغضبُ و الاحتقان ضدها، إضافة الى ذكرياث لم يكن بالامكان محوها في اذهان كثير من المواطنين عن نشاطات سابقة لها. و منها ادوارها في عهد زوجها مثل مساندة نظام تأمين صحي لم ينعم بقبول عميق عند ذوي الشأن في المجتمع ..على مستوى كل ولاية. و ذلك، اضافة لتعلّق اسم زوجها (كِـِلـِنتُن) بأسم الآنسة مونيكا ليوينسكي، و لو أن الذنب لم يكن ذنبَ هِلاري البتة. إلاّ أن مونيكا كانت قد كتبت كتاباً عن الواقعة، و حرصت -أيضاً- على المشاركة في الحملة الانتخابية؛ و بِذا ظل الإثم ملتصقاً بالإسم! ثم كان تصريح مدير المباحث الفيدرالية عن التحقيق مع هِلاري عن استعمالها البريدون (الإيميل) الخاص في عملها الدبلوماسي العام اثناء تقلّدها وزارة الخارجية. و كان ذلك بمثابة (القِطلة) التي قصمت ظهر بعيرها، حتى بالرغم من تعبير المديرالعام عن عدم نيته متابعتها قانونياً/قضائياً.. الاّ انه -عاد- في يوم الأحد (و هو عطلة، و في اقل من يومين قبل موعد الانتخاب، الثلاثاء، 8 من نوفمبر، 2016م)، و أشار الى إمكان اعادة فتح الموضوع؛ فكان جرحاً نازفاً لم يندمل قط!) (كما و كان لحملة الحزب 'الثالث' هذه المرة دورٌ ملحوظ فاعل.. مما اقتطع حصة من الاصوات كان في إمكان حزب السيدة هِلاري كِلِنتـُن، الحصول عليها!) هذا عدا نسبة من الامريكان لا يستهان بها بين انصار المرشح السابق بـِرني.ساندرز، السيناتور المتحرر؛ فلقد آثر هؤلاء الانزواء و الامتناع عن التصويت، بدلاً من منحهم اصواتهم لهِلاري. و لو انهم فعلوا فلربما فازت! و المفارقة هنا ان المتحررين و الشباب لم يعد عندهم بقية باقية لهيلاري من بريق تـَحرّر التقدميين اجتماعياً و اقتصادياً، مثلما كان و صار للمرشح المنسحب بـِرني ساندرز؛ و بقيَ بذاكرة المحافظين أن هِلاري كانت وراء عدة قضايا تحررية قد اعتبرها المحافظون انفلاتية: كحرية اختيار الاجهاض، و أيضاً المساواة المطلقة بين الجنسين، بل لدعمها لحريةالجنس الثالث. و ظلّت هِلاري حتى آخر لحظة تعاني من ازمة الثقة من الطرفين؛ و مع انه بقي معها طويق.نجاة هو كونها 'المرشحة الأنثى' الأولى في تاريخ الانتخابات الامريكية. و لكن ذلك لم يكفِها؛ و لم يُسعفها! و يبقى القول بأن هِلاري رسمياً لم تنجح في 8من نوڤمبر، 2016م، و ذلك بناءً على الية فريدة في نظام الانتخاب الامريكية (التي تحسب حساباً خاصاً لأصوات 'المَجمَع الانتخابي' The Electoral College؛ التي قد لا تلقيِ بـَالاً لعدد الاصوات الفِعلية المباشرة. فالمرشحة السيدة هِلاري هنا لم تتمكن من احراز ما يلزمها من اصوات المَجمََع (270 من 538)؛ و بذا، و حسب النظام: فلم يَكفِها مجرد فَوزها بالأغلبية العددية بالأصوات العامة. فمن جملة خصوصيات نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو اعتماده -في نهاية المطاف- على 'المجمع.الانتخابي' لاعلان للنتيجة 'النهائية'/(فصل الخطاب)، حين يلتئم شمله بأوائل ديسمبر ليسجل اصواته (هو) و يعتمد (هو) نتيجة الانتخابات العامة التي كانت قد اجريت قبل شهر، في 8/نوڤمبر. بل و (يمكنه) ان يأتِ في اجتماعه في ديسمبر بنتيجة مغايرة! فلا يمكننا ان نستبعد -من الناحية النظرية- تصويته لهِلاري كلنتن، او حتى لبيرني ساندرز !) (موضوع 'المَجمَع.الانتخابي' هذا شائق و شائك، ذو ثلاث شُعب، و يحتاج لمقال آخر ..عَلـّه يوفيه.) لقد كانت هِلاري كـِلـِنتـُن مُفضَّلَتي، و إنما جرَت الرياحُ بما لم اشتهيه؛ و: قرٌَرَ الشعبُ.. و ما شاءَ حَصَل!   عميدسابق بجامعةالبترول.  
بواسطة :
 0  0  8.1K